خرائط تعمير تُورّط رؤساء جماعات ومنتخبين نافذين في رعاية البناء العشوائي

ورّطت خرائط تعمير صادرة عن وكالات حضرية بعدة جهات، رؤساء جماعات ومنتخبين نافذين في قضايا تتعلق برعاية واستغلال البناء العشوائي، وذلك بعد توصل المصالح المركزية بوزارة الداخلية بمعطيات وُصفت بالخطيرة، حول منح رخص بناء وامتيازات مشبوهة فوق أراضٍ فلاحية استُغلت لاحقًا لإقامة مستودعات ووحدات صناعية عشوائية.

وأفادت مصادر عليمة بأن عددا من رؤساء الجماعات استصدروا رخصًا فردية بأسماء أقارب، كما سلّموا شهادات إعفاء ضريبي خارج الإطار القانوني، دون احترام المساطر الجاري بها العمل أو إشراك اللجان المختصة، وهو ما حرم جماعات ترابية من مداخيل مالية مهمة.

وأكدت المصادر ذاتها أن خرائط التعمير كشفت تفشي ظاهرة البناء العشوائي بعدد من الأقاليم ، تحت غطاء المحاباة السياسية وتدوير المصالح الانتخابية، حيث جرى التغاضي عن خروقات جسيمة تتعلق باستغلال الأراضي وتغيير طبيعة الاستعمال دون سند قانوني.

وفي السياق ذاته، توصلت مصالح الإدارة المركزية بمعطيات إضافية حول ما وصفته المصادر بـ“تغول” شبكات مصالح داخل مجالس جماعية، سعت إلى الحفاظ على مكاسب غير مشروعة، مشيرة إلى أن معطيات الوكالة الحضرية للدار البيضاء وضعت منتخبًا بارزًا في دائرة الاتهام، بسبب إغراق مساحات واسعة من أراضيه بمستودعات و”هنكارات” عشوائية، عبر رخص فردية مستخرجة بأسماء أقارب، خصوصًا داخل تراب جماعة بوسكورة بإقليم النواصر، وجماعتي الهراويين والمجاطية أولاد الطالب التابعتين لإقليم مديونة.

وكشفت مصادر الجريدة أن دائرة التلاعب لم تقتصر على تراخيص استغلال المستودعات فقط، بل امتدت إلى الترخيص لإسطبلات ومنشآت فلاحية، قبل أن تتحول، بعد كرائها، إلى وحدات صناعية عشوائية، كما هو الشأن بعدد من الجماعات بمنطقة الواد المالح التابعة لعمالة المحمدية.

وسجلت المصادر نفسها أن تقارير مرفوعة من أقسام “الشؤون الداخلية” بعمالات كشفت معطيات حول استغلال منتخبين لـ“هنكارات” خارج النفوذ الترابي لجماعاتهم، ما أثار شبهات حول استغلال علاقات سياسية وانتخابية لتبادل المنافع والتغطية المتبادلة على الخروقات بين أعضاء مجالس جماعية.

وحسب مصادر الجريدة، فإن محاضر رسمية وثّقت عمليات مداهمة وهدم متفرقة لمستودعات عشوائية، شُيّدت فوق أراضٍ فلاحية، لا سيما تلك التي تُستغل في أنشطة تصنيع سرية وتخزين منتوجات غير قانونية، خصوصًا بجماعة حد السوالم بإقليم برشيد، وجماعة أولاد زيان التابعة لدائرة الكارة بالإقليم ذاته، إلى جانب جماعات أخرى تابعة لعمالة إقليم مديونة، من بينها الهراويين وسيدي حجاج واد حصار.

وكان ولاة الجهات قد أصدروا تعليمات سابقة لعمال الأقاليم ورجال السلطة، بناءً على توجيهات من الإدارة المركزية، من أجل ضبط وإحصاء “الهنكارات” غير المرخصة، غير أن عملية الإحصاء والتدقيق في تراخيص استغلال المستودعات، خاصة بضواحي المدن الكبرى، سجلت تباطؤًا ملحوظًا بسبب تعقيدات إدارية مرتبطة أساسًا بنقص الموارد البشرية.

وتضمنت هذه التعليمات توجيهات صارمة بضرورة التدقيق في وثائق المستغلين، والتثبت من حصولهم على التراخيص القانونية من السلطة المحلية والمصالح الخارجية المختصة، خاصة وزارة الصناعة والتجارة، والإدارة العامة للجمارك والضرائب غير المباشرة، فضلاً عن وضعيتهم القانونية المتعلقة بالتأمين على سلامة السلع والعاملين، ولاسيما ضد مخاطر الحريق والتلف والأمراض المهنية.

كما كشفت محاضر الهدم، وفق مصادر الجريدة، عن حالات ترامي على الملك العمومي من قبل مؤجّرين لمستودعات عشوائية، شُيّدت في غفلة من السلطات، وجرى كراؤها لشركات وأفراد دون الحصول على ترخيص بالاستغلال يحدد هوية المكتري وطبيعة النشاط وتأثيره البيئي.

وشددت المصادر ذاتها على أن عمليات التدقيق لدى مصالح منح التراخيص أظهرت لجوء بعض المستغلين إلى محاولة تسوية وضعية مستودعاتهم القانونية، عبر تقديم طلبات لفتح بحث المنافع والمضار حول أنشطتهم، في وقت تتواصل فيه التحقيقات لكشف كافة المتورطين وترتيب المسؤوليات القانونية.

الأخبار ذات الصلة

1 من 1٬316

اترك تعليقا

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *