منذ تعيين السيد محمد سالم الصبتي عاملاً على إقليم اشتوكة آيت باها، بدأت ملامح تغيير ملحوظة ترسم فصلاً جديداً في تاريخ هذه المنطقة، عنوانه الأبرز هو تفعيل مبدأ سيادة القانون والمحاسبة، ووضع حد للتساهل مع كل أشكال التجاوزات التي تمس ثقة المواطنين في الإدارة الترابية. هذا التوجه الجديد لم يعد مجرد شعار، بل بات واقعاً ملموساً تؤكده القرارات والإجراءات المتخذة على أرض الواقع.
ولعل أحدث مثال وأبرزه على هذا التحول هو قرار قاضي التحقيق بالمحكمة الابتدائية ببيوكرى، القاضي بإيداع عون سلطة سجن آيت ملول على خلفية تورطه في قضية نصب واحتيال خطيرة. تفاصيل هذه القضية كشفت عن شبكة من الوعود الكاذبة وعقود العمل الوهمية، استغل فيها المتهم صفته الإدارية لاستنزاف مبالغ مالية من ضحايا داخل وخارج أرض الوطن، ضارباً بعرض الحائط قيم النزاهة والثقة التي يجب أن يتحلى بها أي رجل سلطة.
التحقيقات المعمقة التي باشرتها المصالح المختصة لم تتوقف عند حدود التهم الحالية، بل كشفت عن سوابق خطيرة للمتهم، حيث تبين تورطه في قضايا مشابهة عندما كان يشتغل بمستشفى المختار السوسي ببيوكرى، مستغلاً مركزه الوظيفي لكسب ثقة المواطنين والتدخل في ملفات تتجاوز صلاحياته. ولم تقتصر تجاوزاته على استغلال النفوذ المالي، بل وصلت إلى حد الاعتداء الجسدي على قائد بمنطقة آيت اعميرة، فضلاً عن انتحاله صفة “مدير مهرجان محلي” لتحقيق مكاسب شخصية، كل ذلك كان يحدث في ظل غياب شبه تام للرقابة والمحاسبة.
إن اتخاذ مثل هذه الإجراءات الحازمة، واعتقال شخص ينتمي للجهاز الإداري الترابي بعد أن كان ينشط لسنوات في منطقة تعاني من غياب الرقابة، يمثل رسالة قوية وواضحة مفادها أن لا أحد فوق القانون، مهما كانت صفته أو مركزه. فالمقاربة الجديدة التي ينهجها عامل الإقليم، محمد سالم الصبتي، ترتكز على مبدأ ربط المسؤولية بالمحاسبة، وتطهير الإدارة من كل من يسيء إليها ويمس ثقة المواطنين.
هذه القضية، التي خلّفت استياءً واسعاً لدى الساكنة، أفرزت في المقابل شعوراً بالارتياح والاطمئنان لدى الرأي العام، الذي عبّر عن دعمه لتفعيل المساطر القانونية ضد أي تجاوزات تمس حقوق المواطنين. كما أن متابعة التحقيقات تحت الإشراف المباشر للنيابة العامة لتحديد باقي المتورطين المحتملين يؤكد على الجدية في التعامل مع هذا الملف، وضرورة تشديد المراقبة على فئة من أعوان السلطة الذين قد يسيئون للمهام الجليلة المنوطة بهم.
إقليم اشتوكة آيت باها، إذاً، يودع مرحلة ويستقبل أخرى، مرحلة يكون فيها القانون هو الفيصل، والنزاهة هي المعيار، والإدارة الترابية خادماً أميناً للمواطن، لا مستغلاً لنفوذه. وهذا التغيير الملحوظ ما هو إلا بداية لمسار طويل نحو حكامة جيدة وشفافة، تليق بتطلعات ساكنة الإقليم.
 
            













