أثارت تدوينات تداولتها حسابات على مواقع التواصل الاجتماعي جدلا واسعا، بعد أن وُجّه فيها اتهام إلى أحد البرلمانيين البارزين بمدينة سلا بالوقوف وراء تمويل وتشغيل مجموعة من الحسابات الوهمية التي تنشط في حملات تشهير وتشويه ضد خصومه السياسيين. وتضمنت هذه المنشورات معطيات تزعم وجود تنسيق ممنهج بين هذه الحسابات الإلكترونية بهدف تصفية الحسابات السياسية والإساءة إلى أسماء معينة داخل الحقل المحلي.
هذه الادعاءات، التي لم تُؤكَّد بعد من مصادر رسمية، أعادت إلى الواجهة النقاش حول ظاهرة “الذباب الإلكتروني” واستعمال الفضاء الرقمي كأداة للضغط وتوجيه الرأي العام، في وقت تتعالى فيه الدعوات لفتح تحقيق شفاف في الموضوع، ضمانا لسلامة النقاش العمومي وحرمة الحياة الخاصة للأفراد.
وخرج بعض مسيري الحسابات الإلكترونية الوهمية، وفق ما تداولته منشورات متفرقة على منصات التواصل الاجتماعي، عن صمتهم ليردّوا على ما اعتبروه “غدرا غير متوقّع” من الجهة التي كانت توجّههم. ووفق رواياتهم، فإن الشخص المشتبه فيه بتحريك هذه الشبكة الرقمية لم يلتزم بصرف المستحقات المالية المتّفق عليها، حيث خصّ البعض بمبالغ ضخمة قاربت أربعة ملايين سنتيم، في حين لم يتلقّ آخرون سوى ثمانية آلاف درهم، ما أثار في صفوفهم موجة من السخط والاستياء، وأدى إلى تسريب جزء من المعطيات المرتبطة بتفاصيل هذا “التحالف الرقمي”.
وكان أول من نبّه إلى هذه القضية، الخبير في الأمن السيبراني حسن خرجوج، من خلال تدوينة نشرها مساء أمس على حسابه في “فيسبوك”، سلّط فيها الضوء على ما وصفه بـ”الوجه الخفي” للصراعات السياسية التي تُدار في كواليس الفضاء الرقمي، حيث تتحول الحسابات الوهمية إلى أدوات منظمة وموجَّهة بدقة لتصفية الحسابات، والتأثير في الرأي العام.
وأشار خرجوج إلى أن ما جرى في سلا يعكس انزياحا خطيرا في وظيفة المنصات الاجتماعية، التي لم تعد فضاء للتعبير، بل تحوّلت إلى ساحات يُشترى فيها الولاء الرقمي، وتُوظَّف الخوارزميات والإعلانات المموّلة لتوجيه رسائل هجومية، غالبا ما تتخذ طابعا شخصيا أو سياسيا.
وحذّر من أن ما ظهر على السطح ليس سوى قمة جبل الجليد، متسائلا إن كان المغرب أمام نمط جديد من صناعة المحتوى الموجّه حسب الطلب، في ما يشبه خدمات “المعلومة المغلوطة مقابل الأداء”، وهي سابقة تهدد بنية الثقة في النقاش العمومي، وتستدعي نقاشا وطنيا جادا حول أخلاقيات الممارسة الرقمية.














