تشتغل وزارة الداخلية في الكواليس على إعداد لوائح “الممنوعين من الترشح” للاستحقاقات المقبلة، في خطوة وُصفت بالجريئة والحاسمة لإعادة ترتيب البيت الداخلي للمشهد السياسي. هذه اللوائح ستوزع على مختلف العمالات والأقاليم، بما في ذلك إقليم اشتوكة آيت باها، الذي لن يكون استثناءً من هذه العملية.
المعطيات الأولية تؤكد أن اللائحة لن تقتصر على بعض البرلمانيين الذين ارتبطت أسماؤهم بملفات فساد أو شبهات استغلال النفوذ، بل ستشمل أيضاً رؤساء جماعات محلية ممن “دارو لاباس” على حساب المال العام أو من خلال صفقات وامتيازات غير مفهومة. وهذا يعني أن رؤساء وأعضاء جماعات في اشتوكة آيت باها قد يجدون أنفسهم ضمن هذه اللائحة، إذا ما ثبت في حقهم الإخلال بمبدأ ربط المسؤولية بالمحاسبة.
لكن السؤال المطروح بإلحاح: هل ستكون العملية شاملة وشفافة لتشمل كل من تورط، أم ستظل انتقائية وموجهة؟ التخوف مشروع، خصوصاً إذا علمنا أن اشتوكة آيت باها بدورها عرفت في السنوات الأخيرة ملفات مرتبطة بالتعمير، تدبير المال العام، واستغلال النفوذ، ما يجعلها مرشحة بقوة لظهور أسماء من المنطقة ضمن القائمة السوداء.
الدستور المغربي نص بوضوح على مبدأ ربط المسؤولية بالمحاسبة. لكن، إذا اقتصر الأمر على المنع من الترشح دون إحالة على القضاء، فسيُفهم على أنه مجرد إجراء إداري لتلميع صورة الانتخابات المقبلة. المواطن في اشتوكة آيت باها، كما في باقي الأقاليم، ينتظر محاسبة فعلية أمام المحاكم، لا فقط “إبعاداً انتخابياً” مؤقتاً.
بداية جديدة أم إعادة تدوير؟
الرهان الحقيقي لا يكمن فقط في منع أشخاص من الترشح، بل في فتح الباب أمام نخب جديدة ونزيهة. ففي اشتوكة آيت باها مثلاً، تعب المواطنون من نفس الوجوه التي راكمت الوعود الفارغة. لكن، إن لم تُواكب هذه الخطوة بإصلاح انتخابي شامل وإجراءات زجرية صارمة، فقد نشهد إعادة تدوير نفس الأسماء بطرق ملتوية أو عبر واجهات حزبية جديدة.
إن إعداد لوائح الممنوعين من الترشح، وتوزيعها حتى على إقليم اشتوكة آيت باها، يمثل رسالة قوية مفادها أن زمن الإفلات من العقاب قد يشارف على نهايته. غير أن مصداقية هذه الخطوة ستُقاس بمدى عدالتها وصرامتها، وبقدرتها على تحويل شعار “لا أحد فوق القانون” من خطاب رسمي إلى واقع ملموس في صناديق الاقتراع وحياة الناس.