أي تشابه في الأسماء أو الوقائع فهو من قبيل الصدفة، لكن الرسالة ستصل لمن يعنيهم الأمر.
منذ لحظة تعيينه وبداية مباشرته لمهامه، وجد عامل أحد الأقاليم نفسه أمام واقع مركب ومعقد، لا يخلُ من الصراعات الصامتة والمقاومات الخفية. فكما جرت العادة، حين يحل أي مسؤول ترابي جديد بنية الإصلاح وخدمة المواطن، يكون أول من يصطدم بهم هم أولئك الذين ألفوا استغلال مواقعهم للارتزاق على حساب المصلحة العامة، وتكديس المصالح الضيقة.
ولأن النجاح في قيادة التغيير يستلزم تعبئة جماعية، فإن دعم العامل الجديد من طرف كل الفاعلين المحليين ـ موظفين، رؤساء مصالح، منتخبين، مجتمع مدني ومواطنين ـ أصبح ضرورة ملحة. فالرغبة الواضحة للمسؤول الأول في الإقليم لإصلاح ما يمكن إصلاحه، والنهوض بالتنمية المحلية، باتت مهددة بسبب تحركات ما يُوصف في كواليس الإدارة بـ”اللوبي الخطير”، الذي يشتغل في الظل.
هذا اللوبي، بحسب ما يتم تداوله في أوساط بعض المسؤولين النزهاء وعدد من المواطنين، يتكون من عناصر راكمت نفوذًا كبيرًا على مر السنوات، وتمكنت من التغلغل في مفاصل القرار، مستعينة ببعض الموظفين الذين، لو سارت الأمور في مسارها السليم، لكانوا اليوم يواجهون المساءلة وربما خلف القضبان، بدل الاستمرار في عرقلة الإصلاح، بتنسيق مع منتخبين باتت مصالحهم الخاصة مهددة بفعل يقظة الإدارة ومؤشرات المحاسبة التي بدأت تلوح في الأفق.
ولا يخفى على أحد أن هذا الإقليم، منذ سنوات، ظل تحت سيطرة “أيادي خفية” ووجوه لا تطل إلا مع اقتراب الاستحقاقات الانتخابية، فيما المشهد الإعلامي ظل هشًّا، مكشوف الظهر، يسهل اختراقه بسبب غياب الدعم وغياب الشروط المهنية.
رجال سلطة، سابقون وحاليون، راكموا ثروات ضخمة في ظروف غامضة، ومستثمرون يتحركون بعقلية “المافيا” لا يردعهم قانون ولا وازع أخلاقي. ومع ذلك، لا يمكن إنكار وجود نخبة من الشرفاء من مسؤولين، منتخبين، وفاعلين اقتصاديين، يُقاوِمون في صمت، وسط بحر من “الحيتان” التي تتقن السباحة في المياه العكرة.
الرهان اليوم، هو أن لا يُترك العامل الجديد وحيدًا في معركته ضد هذا الواقع المتكلس، وأن تُمنح له كل شروط النجاح حتى يمضي بمسار الإصلاح قدمًا. لأن المعركة الحقيقية ليست فقط ضد أشخاص، بل ضد عقلية الفساد والابتزاز واستغلال النفوذ، وهي معركة يتقاطع فيها ما هو إداري بما هو سياسي وإعلامي واجتماعي.