تعالت في الآونة الأخيرة بإقليم طاطا أصوات مدنية وحقوقية تطالب بتدخل عاجل وحازم من العامل الجديد من أجل حماية ما تبقى من الفرشة المائية بالإقليم، في ظل التزايد المقلق لعدد الآبار العشوائية وغير المرخصة، خصوصًا بنفوذ عدد من الجماعات الترابية بدائرة فم زكيد ومناطق من جماعة تيسينت، مثل منطقة القصبة، حيث تم حفر آبار بهدف إنشاء ضيعات فلاحية جديدة، دون احترام المساطر القانونية المعتمدة.
وحذرت هذه الفعاليات من أن استمرار حفر هذه الآبار، خارج أي مراقبة، من شأنه أن يؤدي إلى استنزاف خطير للموارد المائية الجوفية، التي تعاني أصلًا من تراجع مستمر بفعل التغيرات المناخية والاستغلال المفرط. وطالبت بتدخل وكالة الحوض المائي لدرعة واد نون وشرطة المياه التابعة لوزارة التجهيز والماء، لإجراء إحصاء دقيق لهذه الآبار، والشروع الفوري في طمرها لما تشكله من تهديد مباشر للفرشة المائية وللأمن المائي بالإقليم.
ورغم وجود قرار عاملي صريح يمنع حفر الآبار وجلب الماء، لا سيما بالدوائر والمناطق السقوية الجديدة، فإن بعض المستغلين لجؤوا إلى التحايل على مقتضيات القرار من خلال استغلال بند متعلق بالرخص التعويضية، مما أدى إلى نشوء وضعية غير قانونية تفاقم من حدة الضغط على الموارد الطبيعية.
يشار إلى أن القرار العاملي رقم 259، الصادر بتاريخ 27 نونبر 2024، نص بشكل واضح على منع مؤقت لحفر الآبار وجلب الماء وتوسيع المناطق السقوية، باستثناء الحالات المرتبطة بالرخص التعويضية، شريطة مراقبة صارمة من لجنة مختصة. كما دعا القرار مختلف المتدخلين، من سلطات محلية وأمنية وجماعات ترابية ومجتمع مدني، إلى الانخراط في حملات تحسيسية شاملة لترشيد استهلاك الماء.
وفي ظل هذا الوضع المقلق، تزداد الحاجة اليوم إلى تنفيذ فعلي وفوري لمضامين هذا القرار، لا سيما ما يتعلق بإغلاق الآبار غير المرخصة، حماية للثروة المائية المهددة، وضمانًا للاستدامة البيئية، وتحقيقًا للعدالة في الانتفاع من الموارد الطبيعية المشتركة.