في مشهد أثار تساؤلات وتكهنات واسعة بين رواد مواقع التواصل الاجتماعي، التقطت صورة عفوية لعدد من القياديين السياسيين البارزين بإقليم اشتوكة آيت باها، وذلك أثناء حضورهم للذكرى الثالثة لوفاة المرحوم الحاج علي قيوح، أحد أبرز الوجوه السياسية والنقابية بجهة سوس ماسة. وقد فُسرت هذه الصورة من قبل البعض على أنها إشارة مبكرة لبداية التحالفات السياسية استعدادًا للاستحقاقات القادمة.
وتظهر الصورة مجموعة من القياديين، يتبادلون الضحكات والإيماءات الودية، في أجواء تصفها مصادر مقربة بأنها كانت “عفوية وودية”، وذلك في سياق تخليد ذكرى رجل وُصف بـ”قيدوم الفلاحين والبرلمانيين” نظراً لمساره الطويل والحافل في خدمة قضايا الفلاحين والساكنة القروية بالجهة.
الحاج علي قيوح: سيرة نضالية استثنائية
يُعد المرحوم الحاج علي قيوح، الذي وافته المنية في يوليوز 2022، شخصية محورية في تاريخ العمل السياسي والنقابي بسوس ماسة. فقد انخرط الراحل في العمل السياسي منذ سبعينيات القرن الماضي، وكان من مؤسسي الحزب الوطني الديمقراطي، قبل أن يلتحق بحزب الاستقلال في الألفية الثالثة، ليصبح أحد أعمدته في المنطقة.
وقد شغل قيوح منصب رئيس الغرفة الجهوية للفلاحة لجهة سوس ماسة لعدة عقود، حيث دافع بشراسة عن مصالح الفلاحين، سواء داخل المغرب أو في المحافل الدولية، وهو ما أكسبه لقب “بابا علي” الذي كان يُعتبر الأب الروحي لحزب الاستقلال بسوس، ومساهماً رئيسياً في ترسيخ حضوره في المناطق القروية والجبلية.
كما انتُخب عضواً بالبرلمان لعدة ولايات، وكان يُعرف بعفويته وصدقه في النقاشات، مما أكسبه احتراماً واسعاً داخل المؤسسة التشريعية وخارجها. وقد ترك بصمة قوية في جماعة أهل الرمل، مسقط رأسه، التي احتضنت جنازته في يوليوز 2022، وسط حضور وازن من شخصيات سياسية ومدنية.
دلالات الصورة: تحالفات أم لقاء عابر؟
تأتي هذه الصورة في وقت تتصاعد فيه التكهنات حول الترتيبات السياسية المستقبلية، خصوصًا مع اقتراب الاستحقاقات الانتخابية. ففي الوقت الذي يرى فيه البعض أن مثل هذه اللقاءات العفوية بين القياديين قد تكون بداية لتحالفات سياسية غير معلنة، يؤكد آخرون أنها مجرد لقاءات اجتماعية تفرضها المناسبات كالذكرى السنوية لوفاة شخصية بحجم الحاج علي قيوح.
وتحيي هذه الذكرى مشاعر الوفاء والاعتراف برجلٍ نذر حياته للدفاع عن الفلاحين، وعن قضايا العدالة الاجتماعية في جهة سوس ماسة. وهي تُعدّ مناسبة للتأمل في مسار سياسي عصامي، وللتفكير في كيفية الحفاظ على الإرث النضالي الذي تركه قيوح، بغض النظر عن دلالات الصورة التي أثارت هذا النقاش. يبقى الفيصل في تحديد طبيعة هذه اللقاءات رهن ما ستسفر عنه الأيام القادمة من تطورات على الساحة السياسية المحلية.