تعيش شواطئ إقليم اشتوكة أيت باها، وعلى رأسها شاطئ الدويرة، حالة من الركود والتهميش غير المسبوقين، بعدما كانت إلى وقت قريب قبلةً للصيادين والسياح وعشاق البحر. فحملة الهدم الواسعة التي باشرتها السلطات في إطار محاربة البناء العشوائي وتقنين استغلال الشريط الساحلي، تركت وراءها فراغًا عمرانيًا وبشريًا، وأثارت الكثير من التساؤلات حول مصير هذا التراث الساحلي الاجتماعي والاقتصادي.
العملية التي استهدفت عشرات المغارات والمنازل العشوائية، والتي كانت تستعمل كمساكن دائمة أو مؤقتة لصيادي المنطقة، وأحيانًا كمآوٍ موسمية تقدم خدمات سياحية بسيطة، جاءت في إطار تطبيق القانون. إلا أن المقاربة، التي افتقرت بحسب المتتبعين إلى رؤية استباقية بديلة، خلّفت فضاءات خالية من أي مظهر للحياة، وأنتجت واقعا مقلقا ينذر بآثار سلبية على النشاط السياحي والمعيشي للساكنة المحلية.
فمنذ الشروع في تنفيذ قرارات الهدم، تغيّرت معالم الشريط الساحلي، إذ تحولت المناطق التي كانت تضج بالحركة في المواسم الصيفية إلى فضاءات موحشة، تفتقر إلى أدنى شروط السلامة، في ظل غياب إعادة تأهيل أو تدخلات تواكب هذه التحولات الميدانية. هذا الواقع الجديد لم يمس فقط جمالية الشواطئ، بل ألقى بظلاله على الزوار والسكان الذين أصبحوا يشعرون بعدم الأمان، نتيجة ترك العديد من الحفر والآبار دون تغطية أو إنذار، ما يشكل خطرًا حقيقيًا، خاصة على الأطفال والمصطافين.
وما يزيد من حجم المخاوف هو غياب أية بوادر لمخطط استعجالي لإعادة تهيئة هذه الشواطئ، سواء من حيث النظافة أو التهيئة أو توفير المرافق الأساسية، وهو ما دفع بعدد من الفاعلين الجمعويين والمحليين إلى دق ناقوس الخطر، والمطالبة بتدخل فوري من طرف السلطات المعنية.
وفي ظل هذا الوضع، يعول السكان والمهتمون بالشأن المحلي على العامل الجديد لإقليم اشتوكة أيت باها من أجل إيجاد حل شامل ومستدام لهذا الملف، خاصة بعد زيارته الميدانية الأخيرة إلى شاطئ الدويرة نهاية الأسبوع الماضي، والتي أعادت الأمل في تحرك إداري وميداني يعيد الاعتبار لهذا الفضاء الساحلي الحيوي.
إن المطالب المرفوعة لا تعارض مبدئيًا مع قرارات الهدم التي تستهدف البناء غير القانوني، بل تدعو إلى تبني مقاربة شمولية متوازنة تضمن من جهة حماية المجال الساحلي والبيئي، ومن جهة أخرى، تأخذ بعين الاعتبار البعد الاجتماعي والاقتصادي لهذه الفضاءات التي لطالما شكلت مورد رزق لفئات عريضة من المواطنين، ومتنفسًا لآلاف الزوار.
وأمام هذا الوضع المقلق، يبقى الأمل معقودًا على تحرك عاجل يعيد الروح لهذه المناطق الساحلية، عبر تهيئتها بما يتماشى مع القوانين البيئية والتخطيط العمراني السليم، وفتح حوار تشاركي مع السكان والفاعلين المحليين، من أجل بلورة حلول مستدامة تعيد الاعتبار لشواطئ اشتوكة أيت باها، وتجعل منها فضاءً نابضًا بالحياة بدل أن تظل مجرد أراضٍ مهجورة على هامش التنمية.