التحولات الصامتة في اشتوكة: هل تعلن النخب الجديدة نهاية عهد الزعامات القديمة؟

يشهد إقليم اشتوكة آيت باها مشهداً سياسياً حيوياً، لكنه معقد، حيث تستعد الأحزاب الكبرى لخوض غمار الانتخابات القادمة في ظل تحديات داخلية وخارجية، وظهور قوى شبابية جديدة تسعى لإعادة تشكيل المشهد. يبدو أن الإقليم على موعد مع صراع انتخابي محتدم، تتداخل فيه الرهانات الحزبية التقليدية مع طموحات التغيير التي يرفعها الشباب.

التجمع الوطني للأحرار: دينامية “اليربوعي” و”أوصيت” تثير التساؤلات
يبرز حزب التجمع الوطني للأحرار كلاعب رئيسي في الإقليم، مستفيداً من دينامية حكومية ودعم منسقيه. يقود الحزب في دائرة آيت باها المنسق محمد اليربوعي، بينما يبرز ايدر أوصيت في السهل كشخصية قيادية ذات ريادة في تأسيس التنسيقيات. هذه الدينامية، المدعومة بالتركيز على منجزات الحكومة وجهود المجالس الجماعية، تهدف إلى تعزيز حضور الحزب في المناطق الحضرية والقروية. ومع ذلك، يظل السؤال مطروحاً حول مدى قدرة الحزب على الاستجابة لانتظارات الساكنة في مجالات حيوية مثل التعليم، الصحة، البنية التحتية، ومشكل الماء الصالح للشرب، خاصة في المناطق الجبلية والقروية التي تشكو من ضعف التأطير السياسي.

الأصالة والمعاصرة: رهان على الشباب في مواجهة “الأعيان”
يخطو حزب الأصالة والمعاصرة خطوة جريئة بتسليم “مقود جراره” لأطر شابة، في محاولة لتجديد دمائه وتجاوز الصورة النمطية المرتبطة بـ “الأعيان”. يتصدر المشهد الأمين الإقليمي خالد بوستة، وتبرز الكاتبة الإقليمية رقية بومكوك كأول امرأة تتبوأ هذا المنصب في الحزب بالإقليم. هذا الرهان على الشباب والكفاءات النسائية قد يمنح الحزب دفعة قوية في استقطاب فئات جديدة من الناخبين، ويشكل تحدياً للتقاليد السياسية السائدة. فهل سينجح هذا التوجه في إحداث تغيير حقيقي في المعادلة الانتخابية؟

الحركة الشعبية: بحث عن موطئ قدم في خريطة معقدة
تحاول الحركة الشعبية، بقيادة منسقها الإقليمي الحاج عمر اعراب، البحث عن موطئ قدم داخل خريطة سياسية غالباً ما تكون متحكماً فيها من قبل قوى أخرى. يواجه الحزب تحدياً حقيقياً في إيجاد موضع له في مشهد انتخابي يتميز بتنافسية عالية وتطلعات متزايدة للتغيير. قدرة الحركة الشعبية على تعبئة قواعدها وتقديم حلول ملموسة لمشاكل الإقليم ستكون حاسمة في تحديد مدى تأثيرها في الانتخابات المقبلة.

الاستقلال: بوصلة مفقودة ومطالب بالتغيير الداخلي
يبدو حزب الاستقلال في إقليم اشتوكة آيت باها فاقداً للبوصلة حتى الآن، وسط حقل انتخابي مليء بالألغام والأصوات التي تطالب بالتغيير داخل قواعد الحزب. الأغلبية ترفض ترشح البرلماني  الحسين أزوكاغ للبرلمان، وتطالب بشخصية أخرى من منطقة آيت عميرة أو سيدي بيبي. هذا الانقسام الداخلي وعدم وجود رؤية واضحة قد يضعف من موقع الحزب في السباق الانتخابي، ما لم يتم تدارك الوضع وإعادة توحيد الصفوف.

تنسيقية الشباب: بديل صاعد للوجوه الكلاسيكية
في المقابل، تتشكل “حركة الشباب” في اشتوكة آيت باها على نار هادئة، كبديل للوجوه الكلاسيكية التي سيطرت على الشأن الحزبي والسياسي في الإقليم. هذه التنسيقية السرية، التي من المتوقع أن تخرج للعلن قريباً، تمثل تطلعات نخب شابة تسعى لتقديم رؤية جديدة وحلول مبتكرة لمشاكل الإقليم. إن ظهور هذه القوة الشبابية قد يعيد رسم معالم التمثيلية السياسية، ويفرض على الأحزاب التقليدية مراجعة خطابها وآليات اشتغالها إذا أرادت الاستجابة لتطلعات الأجيال الجديدة.

يقف المشهد الحزبي في إقليم اشتوكة آيت باها عند مفترق طرق. فإما أن تنخرط الأحزاب بجدية في تجديد خطابها وآليات اشتغالها، وتقدم حلولاً واقعية للتحديات التي تواجه الساكنة، أو أن تترك المجال لبدائل مجتمعية جديدة قد تعيد رسم معالم التمثيلية السياسية بالإقليم. السؤال الأهم يبقى: هل ستنجح هذه الأحزاب في سد الفجوة بين الخطاب السياسي والتطلعات الميدانية، أم أن الأجيال الجديدة ستفرض واقعاً سياسياً مختلفاً في اشتوكة آيت باها؟

الأخبار ذات الصلة

1 من 1٬354

اترك تعليقا

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *