عقدت اللجنة الإقليمية للماء باشتوكة آيت باها اجتماعًا موسعًا أمس الخميس 19 يونيو 2025، لمناقشة الإجراءات الاستباقية والمشاريع المهيكلة الرامية لضمان وصول الماء الصالح للشرب بكميات كافية وجودة مطلوبة لسكان الإقليم. يأتي هذا الاجتماع في ظل تحديات شح المياه المتزايدة وتوالي مواسم الجفاف، مما يستدعي يقظة وتنسيقًا مستمرين لمواجهة هذه الظرفية الصعبة.
افتتح الاجتماع عامل الإقليم، محمد سالم الصبتي، مستعرضًا الخطوط العريضة للسياسة المائية والمخططات الاستراتيجية الوطنية التي جاءت تنفيذًا للتوجيهات الملكية السامية. وأكد الصبتي على نجاعة البرامج المعتمدة لإدارة العرض والطلب وتجاوز الإشكاليات المتعلقة بتأمين احتياجات الإقليم من هذه المادة الحيوية.
وقدم ممثلو وكالة الحوض المائي لسوس ماسة، والمكتب الوطني للكهرباء والماء الصالح للشرب (قطاع الماء)، والشركة الجهوية للتوزيع، والمكتب الجهوي للاستثمار الفلاحي سوس ماسة، تشخيصًا دقيقًا لوضع المخزون المائي الاستراتيجي بالإقليم، مسلطين الضوء على وضعية الإجهاد المائي التي تعاني منها مختلف الجماعات والتراجع الملحوظ في الموارد المائية السطحية والجوفية. وأجمع المتدخلون على ضرورة تسريع وتيرة إخراج المشاريع المهيكلة لتأمين تزويد الساكنة بالماء.
مدير وكالة الحوض المائي بسوس ماسة يؤكد على أهمية التشخيص الدقيق والاجتماعات التخصصية
في تصريح خاص لجريدة “الرأي الآخر”، أكد السيد رشيد مداح، مدير وكالة الحوض المائي لسوس ماسة، على أهمية الاجتماع الذي عُقد أمس بعمالة إقليم اشتوكة آيت باها، والذي خُصص لمناقشة ملف الماء بالإقليم. وقال السيد مداح: كانت مناسبة لبسط تدخلات جميع المتدخلين من وكالة الحوض المائي وكذلك المكتب الوطني للكهرباء والماء الصالح للشرب قطاع الماء، وكذلك الشركة الجهوية المتعددة الخدمات لسوس ماسة للتوزيع وكذلك السيد المدير الجهوي للقطاع الفلاحي.”
وأوضح السيد مداح أن هذه المناسبة كانت “لتشخيص مفصل لقطاع الماء على مستوى الإقليم وكذلك لبسط الإكراهات والإجراءات الآنية والمستقبلية لمواجهة الإجهاد المائي الذي تعرفه الجهة.” وأضاف أن الاجتماع كان “مهماً في الحقيقة كما أكد ذلك السيد عامل إقليم اشتوكة آيت باها، لأن الجهة مقبلة على فصل الصيف وتزايد الطلب على الماء في هذه الفترة وكذلك لنضوب بعض الآبار وكذلك لنزول أو قلة الحجم المخزن على مستوى سد أهل سوس الذي يزود أساسًا مناطق آيت باها ومجموعة من المراكز المرتبطة بها.”
وفي ختام تصريحه، كشف السيد مداح عن خطط مستقبلية، مؤكداً: “كانت هذه المناسبة كذلك للاتفاق على عقد اجتماعات موضوعاتية في المستقبل القريب لكل شق، لأن هذا كان اجتماعًا موسعًا وستكون هناك إن شاء الله اجتماعات تقنية لبسط كل مشروع على حدة وعلى مستوى كل جماعة ترابية معنية.”
حلول عاجلة ومشاريع استراتيجية في الأفق
تناول الاجتماع عدة حلول استباقية وعاجلة، منها إحداث وتجهيز عدد من الأثقاب المائية في جماعات مختلفة ودمجها في منظومة الإنتاج المحلي. كما تطرق إلى الأوراش المهيكلة التي أطلقها المكتب الوطني للكهرباء (قطاع الماء) لتزويد المنطقة الجبلية من سد أهل سوس ورفع الطاقة الاستيعابية لمحطة المعالجة، وهي مشاريع تتطلب استثمارات ضخمة.
كما شدد اللقاء على أهمية الاعتماد على الموارد المائية غير التقليدية، لا سيما عبر محطة تحلية مياه البحر لتأمين تزويد جماعات مثل سيدي بيبي وآيت عميرة وبيوكرى. وتم التأكيد على ضرورة تسريع إخراج مشروع ربط المنطقة الجبلية بهذه المحطة، كحل جذري واستراتيجي لتأمين الماء لهذه المناطق.
ولم يغفل الاجتماع دور المكتب الجهوي للاستثمار الفلاحي سوس ماسة في الحفاظ على مكانة الإقليم في الإنتاج الفلاحي، خاصة البواكر. وتم التأكيد على ضرورة ترشيد استهلاك الموارد المائية والحفاظ على المخزون المائي لمدار اشتوكة لمواجهة تحديات الجفاف المتزايدة.
وفي ختام الاجتماع، تم استعراض انخراط عدد من المتدخلين، مثل مجلس جهة سوس ماسة ووكالة تنمية الواحات وشجر الأركان، في تمويل وإنجاز مشاريع تزويد المناطق بالماء الصالح للشرب. كما تم التنويه بمساهمة الجمعيات المشرفة على تدبير الماء بالمناطق القروية، والدعوة إلى اليقظة والتنسيق المستمرين لمواجهة تحديات المرحلة. وتخلل الاجتماع أيضًا دعوة إلى إخراج مشاريع مهيكلة أخرى كالسدود التلية ورفع عدد النقاط المائية وتجهيزها كحلول عاجلة للتصدي لأي نقص في الموارد المائية وتخفيف الضغط على المنشآت القائمة ومواجهة التداعيات الاجتماعية والاقتصادية للإجهاد المائي.
إن التحديات المائية التي يواجهها إقليم اشتوكة آيت باها تستدعي تضافر الجهود والالتزام بتنفيذ هذه المشاريع الطموحة لضمان مستقبل مائي آمن ومستدام للمنطقة.