زيارة عامل إقليم اشتوكة آيت باها لجماعة بلفاع تكشف ارتباكًا إداريًا ومحاولات للتستر على الخصاص

في سابقة تطرح أكثر من علامة استفهام حول مدى الجدية في التعاطي مع قضايا التنمية المحلية، شهدت زيارة عامل إقليم اشتوكة آيت باها الجديد، السيد محمد سالم الصبتي، إلى جماعة بلفاع، تصرفات توحي بأن بعض المسؤولين ما زالوا يفضلون أساليب التمويه على مواجهة الواقع بجرأة ومسؤولية.

ففي وقت انتظرت فيه الساكنة أن تكون الزيارة مناسبة لطرح الإشكالات الحقيقية التي تعاني منها المنطقة، لجأ بعض المسؤولين المحليين، حسب ما أكدته مصادر موثوقة، إلى حيلة مكشوفة، تمثلت في استقدام ممرضين من المركز الصحي بماسة إلى المركز الصحي ببلفاع، فقط من أجل إعطاء انطباع مغاير عن الوضع الحقيقي للموارد البشرية بهذا المرفق الصحي، الذي يعاني في الواقع من خصاص مهول، ينعكس سلبًا على جودة الخدمات المقدمة للمواطنين.

هذا السلوك لم يتوقف عند حدود القطاع الصحي، بل تكرر – بشكل أكثر غرابة – حين تم استقدام أشخاص في وضعية إعاقة من جماعة سيدي بيبي إلى المركب التربوي التأهيلي والشبه طبي للأشخاص في وضعية إعاقة ببلفاع، في محاولة لتقديم صورة “زائفة” عن استفادة الفئة المستهدفة من خدمات هذا المرفق. ويبدو أن هذا التحرك جاء مخافة زيارة عامل الإقليم للمركب واكتشاف ضعف استغلاله وغياب الانسجام بين ما هو معلن من برامج وما يتم تنزيله فعليًا على أرض الواقع.

والمفارقة الأبرز أن العامل لم يقم، في الواقع، بزيارة لا المركز الصحي ولا المركب التأهيلي المذكورين خلال جولته بجماعة بلفاع، ما يجعل هذه “التحركات الاستباقية” غير المبررة مدعاة للتساؤل حول مدى الثقة التي يضعها بعض المسؤولين في أدائهم الحقيقي، ويدفع للتفكير في الدوافع الكامنة وراء هذا التستر.

الزيارات الميدانية ليست للمجاملات
هذه التصرفات، التي تُعتبر مسيئة في حق الإدارة الترابية والمنتخبين معًا، تضع علامات استفهام حول مدى استعداد بعض الفاعلين لتحمل مسؤولياتهم، والقطع مع الممارسات القديمة التي طالما عطلت التنمية المحلية، وكرّست فقدان الثقة في المؤسسات.

الرسالة التي حملها العامل الصبتي منذ اليوم الأول لتوليه مهامه كانت واضحة: الصرامة في الانضباط، والوضوح في التشخيص، والجرأة في المعالجة. فالتنمية لا تُبنى على التجميل الزائف للواقع، بل على المكاشفة، والتعاون بين مختلف الفاعلين، كلٌّ من موقعه، من أجل رفع التحديات الحقيقية التي تواجه الساكنة.

الحق في الصحة والكرامة ليس مادة للتزيين الإداري
إن ما جرى في بلفاع يُعيد إلى الواجهة مسألة الشفافية والمسؤولية في تدبير الشأن العام، خاصة في ما يتعلق بالخدمات الاجتماعية الأساسية كالصحة والتعليم والرعاية الاجتماعية. فاستقدام أطر أو مستفيدين من جماعات أخرى لتلميع الصورة خلال زيارات المسؤولين، لا يخدم إلا منطق الهروب إلى الأمام، ويُفرغ هذه الزيارات من مضمونها التنموي الحقيقي.

الساكنة لا تنتظر استعراضات شكلية، بل تنتظر من المسؤولين، محليين وإقليميين، قرارات جريئة تعالج الخصاص البنيوي، وتضع الإنسان في قلب السياسات العمومية.

زيارات مفاجئة… لمواجهة التمويه والتجميل
وبسبب مثل هذه الأساليب الملتوية، أصبح من اللازم اعتماد زيارات مفاجئة للإدارات والمرافق العمومية، كآلية فعالة لرصد الواقع كما هو، دون تهييء أو تجميل. فالرقابة الميدانية غير المعلنة تتيح كشف مكامن الخلل، وتحفز المسؤولين على العمل بروح المسؤولية الدائمة، لا فقط عند زيارة المسؤولين الترابيين.

الطريق إلى التغيير يمر عبر المصارحة
ما وقع في بلفاع يجب أن يُقرأ كإنذار مبكر حول ضرورة تغيير العقليات الإدارية والتدبيرية التي لا تزال تشتغل بمنطق التجميل المؤقت عوض الإصلاح العميق. فالأمل معقود على أن يشكل هذا الحادث دافعًا لفتح نقاش مؤسساتي صريح حول واقع المرافق العمومية، وتفعيل آليات التتبع والتقييم والمساءلة.

توضيح من فيدرالية جمعيات ذوي الاحتياجات الخاصة
وفي تفاعل مع ما ورد في المقال  بخصوص استقدام أشخاص في وضعية إعاقة من جماعة سيدي بيبي إلى المركب التربوي التأهيلي والشبه طبي ببلفاع، توصلنا بتوضيح من السيد محمد أمين، رئيس فيدرالية جمعيات ذوي الاحتياجات الخاصة بإقليم اشتوكة آيت باها، ينفي فيه بشكل قاطع هذه المعطيات.

وأوضح السيد محمد أمين أن “الفيدرالية لم تُسجّل أي عملية استقدام لأشخاص في وضعية إعاقة من جماعة سيدي بيبي أو غيرها بهدف التمويه أو التزيين خلال زيارة عامل الإقليم لبلفاع”، مؤكداً أن ما تم تداوله في هذا الصدد “لا يعكس حقيقة ما جرى ولا واقع اشتغال المركب، الذي يقدم خدماته حسب إمكانياته للفئة المستهدفة، دون أي تحركات استثنائية مرتبطة بالزيارة.”

ويأتي هذا التوضيح في إطار ضمان الحق في الرد وتصحيح المعلومات، مع التأكيد على أن الهدف من المقال يبقى تحفيز النقاش العمومي حول النجاعة في تدبير الشأن المحلي، خصوصاً في ما يتعلق بالمرافق الاجتماعية الموجهة للفئات الهشة.

 

 

الأخبار ذات الصلة

1 من 1٬340

اترك تعليقا

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *