من أجل تنمية القرب: عامل اشتوكة آيت باها يتفقد شاطئ بولفضايل ويستمع للصيادين

منذ تعيين العامل محمد سالم الصبتي على رأس إقليم اشتوكة آيت باها، بدأت تتجلى ملامح تحول جديد في المقاربة التدبيرية، ترتكز على القرب من المواطن والإنصات لانتظاراته عن كثب. وفي هذا السياق، جاءت زيارته الميدانية صباح اليوم الاتنين 9 يونيو 2025 إلى شاطئ سيدي بولفضايل بجماعة ماسة، لتجسد توجهاً جديداً قوامه النزول إلى الميدان والوقوف المباشر على الأوضاع، خصوصاً في المناطق التي تعاني من التهميش والتأخر في التنمية. الزيارة شكلت سابقة في تاريخ الإقليم، حيث جلس العامل إلى جانب بحارة الصيد التقليدي، واستمع لمعاناتهم اليومية، في خطوة نالت استحسان الساكنة وفتحت الأمل في معالجة اختلالات مزمنة تعيق استغلال المؤهلات الطبيعية والسياحية للمنطقة.

يُعد شاطئ سيدي بولفضايل واحداً من أجمل المواقع الساحلية في جهة سوس ماسة، حيث يمتاز بجمال طبيعي خلاب، ومياه زرقاء صافية، ورمال ذهبية، ما يجعله قبلة للسياحة الداخلية وفضاءً مثالياً لهواة الاستجمام والصيد البحري. ورغم هذه المؤهلات، إلا أن واقع الشاطئ يظل بعيداً عن إمكانياته الحقيقية، نتيجة غياب التجهيزات الأساسية، وندرة المرافق العمومية، وضعف البنيات التحتية، وخصوصاً تلك المرتبطة بقطاع الصيد التقليدي.

فبحارة المنطقة، الذين يزاولون نشاطهم في نقطة التفريغ سيدي بولفضايل التابعة لنفوذ مندوبية الصيد البحري بأكادير، يواجهون يومياً صعوبات قاسية، أبرزها التغيرات المناخية المتكررة وظاهرة الترمل، التي تجعل من ولوج البحر أو الخروج منه مهمة شبه مستحيلة، خاصة عندما تشتد الاضطرابات الجوية. ويضطر البحارة إلى تشغيل محركين في القارب؛ الأول بقوة 25 حصاناً لضمان السيطرة في وجه تكسر الأمواج، والثاني بقوة لا تتجاوز 15 حصاناً يُستخدم أثناء الإبحار من أجل التوفير في استهلاك الوقود، لكن رغم ذلك، تتوقف الأنشطة البحرية بشكل كلي خلال التقلبات المناخية.

ولا تقتصر معاناة البحارة على صعوبة الإبحار، بل تشمل كذلك غياب البنيات التجارية، وعلى رأسها سوق السمك، ما يدفع القوارب إلى النزوح نحو نقطة تفريغ تيفنيت المجاورة، بحثاً عن ظروف أفضل لتسويق منتجاتهم البحرية، لا سيما خلال موسم الأخطبوط. ورغم تشابه التحديات البيئية بين المنطقتين، إلا أن تيفنيت تظل ملاذاً أكثر أماناً، ولو كلف البحارة مصاريف إضافية.

ويشتكي مهنيّو الصيد من تراجع ملحوظ في حجم المصطادات، حيث تقتصر الكميات المسوقة حالياً على أصناف قليلة، منها “الدرعي” الذي يبلغ سعره حوالي 170 درهماً للكيلوغرام، و“الشرغو” بـ65 درهماً، و“الصنور” بأسعاره المتفاوتة حسب الحجم، تتراوح بين 20 و50 درهماً للكيلوغرام، إضافة إلى “الكلمار” الذي استقر سعره في حدود 80 درهماً. هذه الأسعار، وإن بدت مشجعة للبعض، إلا أنها لا تعوض الكلفة المرتفعة للعمل في ظروف مناخية ومجالية صعبة.

زيارة العامل الصبتي، إذن، جاءت في توقيت حساس، حيث تشكل نقطة ضوء في نفق طويل من الانتظارات. فهي تعكس بداية تحوّل في التعاطي مع قضايا الصيد البحري والتنمية الساحلية، من خلال الإنصات للمشتغلين في الميدان وتحديد مكامن الخلل بشكل مباشر. كما تفتح الباب أمام إمكانية التدخل لإعادة تأهيل شاطئ سيدي بولفضايل، سواء من حيث تهيئة المسلك البحري، أو إحداث بنية تجارية محلية تستجيب لحاجيات المهنيين، أو تحسين شروط العمل عبر برامج دعم واقعية ومستدامة.

لقد آن الأوان أن تتحول هذه المنطقة الواعدة إلى قطب تنموي متكامل، يجمع بين السياحة الإيكولوجية والصيد التقليدي بشكل مندمج. وتبقى مبادرات من قبيل الزيارة التفقدية الأخيرة للعامل الجديد بارقة أمل في بداية مسار تنموي أكثر عدلاً وإنصافاً لإقليم اشتوكة آيت باها وساكنته.

 

 

 

 

الأخبار ذات الصلة

1 من 1٬338

اترك تعليقا

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *