أين اختفى مجلسنا الإقليمي؟

سمير بيوارين

بات المجلس الاقليمي لشتوكة ايت باها , كغيره من المجالس الإقليمية في المغرب ولله الحمد ,أشبه بقطار فقد مساره ( طبعا إن كان له مسار أصلا ) ، بينما كان يُفترض أن يكون محركًا رئيسيًا للتنمية الترابية في إطار الجهوية المتقدمة المنتظرة . اليوم، تُختزل هذه المؤسسة في هياكل إدارية باهتة، ونخب فقيرة تدبيريا الا من رحم ربك ,تفتقد للرؤية والموارد والفاعلية ، مما يطرح سؤالًا جوهريًا حول ,من المتسبب في هذا الانهيار؟ هل تقصير الدولة في تفعيل اللامركزية، أم فشل المنتخبين المحليين في أداء أدوارهم؟
فرغم الدستور الجديد (2011) والقوانين التنظيمية المتحركة ، لا تزال الصلاحيات الفعلية للمجالس الإقليمية ضبابية بين التهميش والمركزية المفرطة، حيث تتداخل مع اختصاصات العمالات والجهات والجماعات و…فالمؤسسات المركزية لدولة تحتفظ بـالسلطة الحقيقية عبر السادة العمال والمصالح الخارجية، مما يحوّل المجالس إلى ديكور إداري شكلي دون قدرة حتى على الاقتراح فما بالك بصنع القرار .
أضف على ذالك إعتماد المجالس الإقليمية بشكل شبه كلي على تحويلات الدولة المباشرة ، في غياب موارد ذاتية مستقلة (جبائية،أو استثمارية). وتوجه هذه الميزانيات الهزيلة غالبًا لتغطية النفقات التشغيلية (رواتب، التعويضات ,وقود …) بدل المشاريع التنمويةالحقيقية ذات الأثر الإيجابي على الساكنة.
إن كون المجلس الإقليمي مؤسسة منتخبة , فالمنتخبين الكبار يتحملون أيضا مسؤولية كبيرة في الوضعية الراهنة فنسبة كبيرة من أعضاء المجالس الإقليمية يفتقرون إلى الخبرة في التدبير الترابي وأحيانا يصعب عليهم قراءة تقارير اللجان المعدة في إطار التعاون بين الجسم الوظيفي والمنتخبين ، مما يؤدي إلى سوء تخطيط المشاريع أو تبني حلول غير واقعية. كما أن غياب التكوين المستمر الهادف والجاد للمنتخبين( التكوينات المبرمجة بالجهة للاستئناس فقط ) يجعلهم عاجزين عن فهم آليات الميزانية أو متطلبات التنمية المستدامة. والطامة الكبرى هي تحوّل المجالس الإقليمية إلى ساحات لـالصراعات الحزبية، حيث تُعطّل المصالح الشخصية الضيقة والتحالفات السياسية المصلحية تمرير المشاريع, من قبيل المحسوبية في توزيع المنافع عفوا المشاريع إن شئتم (طرق , سيارات النقل الاجتماعي, الاسعاف , توظيف، صفقات…..) تُضعف مصداقية المؤسسة وتُبعدها عن أهدافها التنموية.

ويبقى ضعف المشاركة الانتخابية (أقل من 50% في أغلب المناطق) نتيجة مشتركة بين المركز و المنتخب , نسبة تفقد هذه المجالس شرعيتها التمثيلية. فالدولة تتحمل جزءًا كبيرًا من الأزمة عبر عدم منح الاستقلالية الكافية للمجالس ثم التقصير في الرقابة والمحاسبة الفعلية.بينما يتحمل المنتخبون الجزء الباقي عبر الانخراط في الممارسات الفاسدة أو التقصير الواضح و الإفتقار إلى الرؤية التنموية الشمولية لتحسين ظروف عيش المواطنين والوفاء بأبسط حقوقهم الطبيعية فما بالك بالتكميلية.

الانهيار الحالي للمجالس الإقليمية ليس حتميًا، لكن معالجته تتطلب خطوات جذرية, أولها ,إصلاح قانوني حقيقي يوضيح الاختصاصات، و تعزيز الاستقلال المالي، ولما لا إشراك السكان في الرقابة.و تانيها تأهيل المنتخبين بإلزامية التكوين في التدبير الترابي والتسيير وجوبا، وربط العضوية بالبرامج التنموية الشاملة لا بالانتماءات الحزبية .

ربما وفرنا جوابا تقنيا لسؤال “من المسؤول؟”، وسنترك لكم جواب سؤال “من سيتحرك لإنقاذ ما تبقى من ثقة المواطن في هذه المؤسسات؟”. فبدون حلول جريئة، ستظل المجالس الإقليمية مجرد شماعة يعلق عليها فشل التنمية الإقليمية والمحلية.

الأخبار ذات الصلة

1 من 1٬337

اترك تعليقا

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *