بين الاتهام والتوضيح: قراءة في رد جماعة آيت ملول على مقال “الأخبار”

في رد قوي ومفصل، أصدرت جماعة آيت ملول توضيحًا مطولًا لما ورد في مقال بجريدة “الأخبار” بتاريخ 6 مايو 2025، الذي اتهم “مافيا العقار” بالسطو على مرافق عمومية بالجماعة. واستنكرت الجماعة بشدة ما وصفته بـ “المغالطات” التي تضمنها المقال، متسائلة عن “أجندات سياسية” محتملة وراء نشر صورة رئيس الجماعة في سياق الاتهامات.

وأكدت الجماعة في ردها، الذي اطلعت عليه “الرأي الاخر”، على أن مشروع إحداث مجموعة سكنية للسكن الاجتماعي يتماشى بشكل كامل مع ضابط تصميم التهيئة المصادق عليه. وشددت على أن المشروع يتضمن مرافق عمومية هامة، تشغل أزيد من 60% من المساحة الإجمالية للعقار، من بينها ملحقة إدارية ومسجد سيتم تسليمهما لفائدة الجماعة، بالإضافة إلى بنائض أخرى ومساحات خضراء.

سرد زمني مفصل وتبديد للاتهامات

وقدمت الجماعة سردًا زمنيًا مفصلًا لأهم المراحل التي مر بها إنجاز المشروع، مؤكدة أن جميع الإجراءات اتُخذت في إطار الاحترام التام للقوانين والأنظمة المعمول بها. واعتبرت الاتهامات الواردة في المقال مجرد “مزاعم لا تستند إلى أية معطيات أو وقائع حقيقية”.

واستعرض الرد مراحل الترخيص والتفويت والموافقة على المشروع منذ سنة 1992، مرورًا بتقسيم التجزئة وإعادة الترخيص، وصولًا إلى تفويت العقار لشركة عقارية جديدة في 2019، وحصولها على رخصة البناء لمشروع سكني من صنف R+4 في إطار السكن الاجتماعي سنة 2022.

مرافق مجانية ومكاسب هامة للجماعة

وكشفت الجماعة عن توقيع الشركة المالكة للعقار “تصريح بتثبيت وتهيئة مجانية” لفائدتها، يتضمن مرافق وتجهيزات قيمة، تشمل ملحقة إدارية بمساحة 251 مترًا مربعًا، ومسجدًا في طور البناء على مساحة 563 مترًا مربعًا، وقاعة متعددة الاستعمالات بمساحة 72 مترًا مربعًا، بالإضافة إلى طرق ومواقف سيارات ومساحات خضراء شاسعة تقدر بـ 14,302 متر مربع.

وأكدت الجماعة أن هذا المشروع يحقق مكاسب كبيرة لها، حيث خصص صاحبه حوالي 60% من المساحة الإجمالية للمرافق العمومية، مما يعزز بنيتها التحتية دون تحمل ميزانيتها أية أعباء مالية إضافية. كما سيساهم المشروع في تعزيز الموارد المالية للجماعة من خلال مداخيل رخص البناء والتجزيء والسكن والرسوم المهنية.

التزام بالشفافية والتنمية المستدامة

وفي ختام ردها، جددت جماعة آيت ملول التأكيد على التزامها الراسخ بالشفافية والمصداقية، ومواصلة جهودها لتحقيق التنمية المستدامة التي تعود بالنفع على سكان المدينة، وتضمن لهم حياة أفضل ومستقبلًا واعدًا.

بهذا الرد المفصل، تسعى جماعة آيت ملول إلى دحض الاتهامات الموجهة إليها وتوضيح الحقائق المتعلقة بمشروع السكن الاجتماعي، مؤكدة على التزامها بالقوانين وحرصها على خدمة مصالح الساكنة. ويبقى على الرأي العام متابعة تطورات هذه القضية وما ستسفر عنه التحقيقات المحتملة بناءً على هذه الاتهامات.

مقال جريدة الأخبار:

 

كشفت وثائق حصلت عليها جريدة «الأخبار» تورط شركة متخصصة في العقار في أكبر عملية للسطو على أراض كانت مخصصة لبناء مرافق عمومية بمدينة أيت ملول، باستعمال رخصة استثنائية منتهية الصلاحية.

وتشير المعطيات إلى أن تجزئة المغرب العربي بمدينة أيت ملول تعتبر واحدة من أكبر المشاريع العمرانية التي تم الترخيص لها منذ سنة 1992، تضم أكثر من 600 فيلا ومجموعة من المرافق العمومية الحيوية، وكان الهدف الأساسي من المشروع هو إنشاء منطقة سكنية متكاملة تجمع بين الفيلات والمرافق العامة، غير أن تنفيذ المشروع واجه منذ بدايته مجموعة من العراقيل القانونية والإدارية، خاصة في ما يتعلق بجزء من التجزئة يمتد على مساحة 3 هكتارات.

 

نزاع يوقف المشروع لسنوات طويلة

توقفت الأشغال بهذا المشروع لسنوات طويلة، بسبب نزاع بين شركة «العمران»، بصفتها صاحبة المشروع، وبين بعض المستغلين لأراضي المياه والغابات، مما حال دون تنفيذ التصميم الأصلي الذي كان يقتضي تخصيص هذه المساحة لفيلات ومرافق عمومية حيوية تخدم السكان، وبعد حل النزاع عن طريق مساطر قضائية، تم تفويت هذه المساحة لشركة عقارية خاصة، قامت بتشييد إقامات سكنية متعددة الطوابق عوض الفيلات التي كانت مبرمجة سابقا، وعدم الالتزام بتنفيذ المرافق العامة الحيوية التي كان من المفترض إنجازها، وفقا للترخيص الأصلي.

ووفق للمعطيات الرسمية الواردة في السجلات العقارية، فإن الأرض التي تحتضن المشروع مسجلة تحت الرسم العقاري رقم 09/82354 بالمحافظة العقارية بإنزكان، وتعود ملكيتها إلى شركة العمران سوس ماسة، وتشير البيانات إلى أن هذا العقار كان مخصصا أساسا لإنجاز مرافق عمومية ومساحات خضراء، إلى جانب فيلات بهدف توفير بيئة عمرانية متكاملة تستجيب لحاجيات السكان، غير أن التنفيذ الفعلي لهذا المخطط لم يتم كما كان مقررا، إذ لم تنجز المرافق العامة المبرمجة، وبدلا من ذلك تم استغلال هذه المساحة من طرف شركة خاصة لبناء إقامات سكنية متعددة الطوابق.
وينص التصميم الأصلي للمشروع على إنشاء بنيات تحتية ضرورية لتحسين جودة العيش وتلبية احتياجات السكان، ومن بين المرافق التي كان يفترض إنجازها، مسجد كبير ومقر مقاطعة إدارية ومستوصف صحي ومكتب للبريد، بالإضافة إلى مساحات خضراء عمومية، ومحلات تجارية تابعة للمسجد، ومرابد لوقوف سيارات.

وحسب الوثائق، فقد تقدمت شركة «العمران» في سنة 2013 بطلب إلى لجنة الاستثناءات، من أجل تحويل الجزء غير المنجز من التجزئة إلى منطقة سكنية مخصصة للسكن الاقتصادي والاجتماعي، وذلك عن طريق تغيير تصنيف الأراضي غير المستغلة لإنجاز عمارات سكنية من نوع R4 (إقامة من أربعة طوابق)، بدل الفيلات التي كانت مقررة في التصميم الأصلي، وفعلا حصل المشروع على موافقة لجنة الاستثناءات في سنة 2014 في سياق مرحلة كان فيها العمل بالرخص الاستثنائية مسموحا كإجراء مؤقت لتحفيز الاستثمار، غير أن الإجراء، الذي كان يهدف في البداية إلى إزالة العراقيل أمام المشاريع ذات الطابع الاقتصادي والاجتماعي، تحول لاحقا إلى أداة للتحايل على قوانين التعمير، حيث استغلته بعض الشركات العقارية لتحقيق مكاسب غير مشروعة، دون الالتزام بشروط التراخيص الاستثنائية، وهو ما دفع الحكومة إلى إلغائه رسميا، بعد تسجيل تجاوزات مماثلة في العديد من المشاريع العقارية.

 

شروط لجنة الاستثناءات

وضعت لجنة الاستثناءات شروطا صارمة لضمان احترام التوازن العمراني للمشروع، والحفاظ على المرافق العامة المبرمجة التي كانت ضمن التصميم الأولي، تجنبا لأي تأثير سلبي على جودة العيش بالمنطقة، بالإضافة إلى تهيئة طريق استراتيجية تربط المشروع بشارع المسيرة الخضراء ودار التكافل، لضمان ربطه بشبكة الطرق الرئيسية، وهو ما لم يتم تنفيذه حتى الآن.

ومن بين الاختلالات المسجلة في المشروع هو تفويت رخصة الاستثناء إلى شركة خاصة، علما أن هذه الرخصة تكون ملزمة قانونيا وحصريا للشركة التي طلبت الاستثناء، كما أن رخصة الاستثناء تلزم صاحبها بالشروع في الأشغال داخل أجل أقصاه ستة أشهر، لكن الشركة العقارية حصلت على ترخيص البناء في سنة 2022، أي بعد مرور ثماني سنوات عن تاريخ الحصول عليه، وأكدت المصادر أن قرار الاستثناء فقد قيمته القانونية، بسبب عدم احترام الشروط الزمنية الملزمة لتنفيذه.

وحسب الوثائق، فقد تم تفويت جزء من تجزئة المغرب العربي من طرف شركة العمران سوس ماسة لفائدة شركة عقارية خاصة، وذلك بموجب شهادة بيع مؤرخة في 9 يناير 2019، ويشمل العقار المفوت مساحة إجمالية تقدر بـ28.262 مترا مربعا، وهو مسجل تحت الرسم العقاري 09/82354، وطبقا للتصميم الأصلي للتجزئة، فإن هذا العقار هو ما تبقى من التجزئة، وهو عبارة عن مرافق عمومية ومساحات خضراء كان على المجلس الجماعي أن يضمها إلى ممتلكاته، إضافة إلى جزء فارغ خصص لإحداث 20 فيلا.
وتمت عملية التفويت بمبلغ 8.244.000.00 درهم لفائدة شركة خاصة تنشط في مجال الإنعاش العقاري، كانت تتوفر على اتفاقية شراكة مع الدولة لتنفيذ مشاريع السكن الاجتماعي منذ سنة 2017، غير أن هذا التفويت شابته عدة إشكالات قانونية، إذ كان العقار خاضعا لقرار استثنائي صدر سنة 2014، نص على تحويل المنطقة إلى عمارات سكنية من نوع R4، لكن بشرط التزام الشركة المالكة بإنجاز مرافق عمومية.

 

اختلال النسيج العمراني

رغم أن قرار الاستثناء كان واضحا في اشتراط تنفيذ هذه المرافق، إلا أنها لم تنجز، ولم تتسلم الجماعة الترابية أي تجهيز عمومي من المرافق التي كانت مقررة في التصميم الأولي. وبدلا من ذلك، تم تفويت العقار للقطاع الخاص، حيث تم تشييد إقامات سكنية متعددة الطوابق، وهو ما أدى إلى اختلال في النسيج العمراني للمنطقة وحرمان السكان من الخدمات الأساسية، التي كان من المفترض إنجازها لتوفير بيئة سكنية متوازنة.

وإضافة إلى ذلك، فإن هذا التفويت قد تم استنادا إلى رخصة استثنائية لم تعد معتمدة، حيث إن إلغاء العمل بالرخص الاستثنائية جاء تحديدا لمنع مثل هذه التجاوزات التي شهدها هذا المشروع، إذ تم تحويل عقار كان مخصصا للمرافق العمومية إلى مشروع عقاري مخالف للأهداف الأصلية المخصصة له، وبناء على ذلك، يصبح استمرار المشروع وفق مقتضيات هذه الرخصة فاقدا لأي سند قانوني.

وكشفت الوثائق الرسمية عن وجود تناقضات جوهرية في هوية الشركة المستفيدة من عملية التفويت، حيث تم توقيع العقد الأصلي باسم شركة ذات سجل تجاري وتعريف ضريبي محددين، إلا أن العقد النهائي تم إبرامه باسم شركة أخرى، تم إنشاؤها حديثا، بعد التشطيب على الشركة الأولى، وتؤكد الوثائق أن الشركة الجديدة التي استلمت العقار لم تكن طرفا في الاتفاقية الأصلية مع الدولة، ولم تكن لها أي صفة قانونية تؤهلها للاستفادة من العقار المفوت، مما يجعل الترخيص الممنوح لها غير قانوني من حيث الأساس، وتشير الوثائق إلى أن ملف طلب الترخيص الذي قدمته الشركة الجديدة، تضمن القانون الأساسي لهذه الأخيرة، لكنه كان مرفقا بنسخة من اتفاقية مع الشركة الأصلية، مما يثير شبهة التلاعب في وثائق المشروع للالتفاف على الشروط التي كانت مفروضة على الشركة الأولى.

 

الأخبار ذات الصلة

1 من 1٬312

اترك تعليقا

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *