منذ تعيينه على رأس إقليم سيدي إفني، يخطو العامل الجديد السيد محمد ضرهم خطوات محسوبة بدقة، تعكس وعياً متزايداً بطبيعة الإقليم وتعقيداته السياسية والإدارية، وتفاؤلاً شعبياً بدأ يتشكل في الأوساط المدنية التي ضاقت ذرعاً بما أسمته “تحكم لوبيات الفساد وتحالفات المصالح الضيقة داخل العمالة والمجالس المنتخبة”.
في ظل هذا السياق، جاءت تدوينة فاعل محلي لتكشف جانباً مما يروج في الكواليس، وتدق ناقوس الخطر بشأن “المنظومة الخفية” التي كانت – ولا تزال – تعرقل محاولات الإصلاح في الإقليم، بل و”تطوّق” كل مسؤول جديد يسعى للتغيير. الرسالة كانت واضحة: “حذاري من مسامير الميدة وفرقة عطا فقيه العدوتين”، في إشارة إلى منتخبين ومسؤولين إداريين يُشتبه في ارتباطهم بشبكات نفوذ محلية تحكم قبضتها على مفاصل القرار.
قراءة ذكية… واستقلالية مطلوبة
التحفظ الذي أبداه العامل الجديد إزاء بعض الملفات – وعلى رأسها مهرجان إفني – لم يمر مرور الكرام، بل استقبله الرأي العام المحلي بإيجابية، معتبراً إياه “إشارة ذكية” على أن الرجل يقرأ الساحة بعناية ولا يندفع في اتخاذ القرارات تحت ضغط اللوبيات أو المجاملات السياسوية.
لكن السؤال الذي يطرح نفسه: إلى متى يمكن الحفاظ على هذه المسافة الآمنة بين المسؤول الجديد ومنظومة النفوذ القديمة؟
“زيارات ميدانية موجهة”… هل من بديل؟
رغم أهمية الزيارات الميدانية التي باشرها العامل منذ توليه المسؤولية، إلا أن عدداً من الفاعلين المحليين يرون أنها – في بعض الحالات – تخضع للتوجيه المُسبق من قبل ذات الشبكات التي تتحكم في “تزيين الواقع”، معتبرين أن “الخروج المفاجئ” هو الوسيلة الوحيدة لكشف الحقائق دون فلتر. وهنا تبرز تجربة الراحل الحسن الثاني، والزيارات المفاجئة التي شكلت نموذجاً في المراقبة الميدانية المباشرة والفعالة.
تحدي الثقة الملكية والانتظارات الشعبية
يحظى العامل الجديد بثقة ملكية جسّدتها التعيينات الأخيرة، كما يحظى بتقدير شعبي أولي بفضل ما يظهر من توازن في تدبير الملفات، لكن رهانات المرحلة تظل كبيرة. المطلوب – حسب كثيرين – هو الوضوح في محاربة الفساد وربط المسؤولية بالمحاسبة، دون حسابات سياسية أو توازنات ضيقة.
التحذير… والنصح
في خضم هذه الدينامية، تبقى الرسالة الأهم: “انتبه لمن حولك!”، كما ختمت التدوينة المتداولة. فالماضي القريب يشهد بأن كل من حاول الإصلاح في سيدي إفني، وجد نفسه محاطاً بجدران المصالح، بين منتخبين يتقنون لعب الأدوار المزدوجة، ومسؤولين إداريين قد يكونون جزءاً من الإشكال بدل أن يكونوا جزءاً من الحل.
وفي انتظار خطوات أقوى وأكثر عمقاً، يتشبث الرأي العام المحلي بالأمل في أن تكون هذه الولاية مختلفة، وأن يحمل القادم من القرارات دينامية إصلاحية حقيقية، تعيد الثقة للمواطن وتُعيد ترتيب الأولويات بما يخدم التنمية والشفافية.