تشهد مدينة أيت ملول، كغيرها من المدن المغربية، ظاهرة استغلال الملك العمومي بشكل عشوائي، حيث أصبح هذا السلوك يشكل مصدر قلق للسكان الذين يعانون من الفوضى والاختناق في الشوارع والأحياء. مؤخراً، أصدر رئيس جماعة أيت ملول قراراً يمنح الحرفيين والمستغلين للملك العمومي مهلة لا تتجاوز عشرة أيام لإخلاء الأماكن المحتلة بطرق غير قانونية، مهدداً باتخاذ إجراءات قانونية ضد المخالفين.
قرار يثير الآمال والشكاوى
لاقى القرار ترحيباً أولياً من الساكنة، التي اعتبرته خطوة إيجابية نحو تنظيم الفضاء العام وتعزيز انسيابية حركة المارة. ومع ذلك، سرعان ما تبددت هذه الآمال بعد مرور المهلة المحددة، إذ لم يتغير الوضع على الأرض، بل ازداد تعقيداً.
في العديد من الأحياء السكنية، يستمر الحرفيون في احتلال الأرصفة وتحويلها إلى ورش عمل مفتوحة، مما يعرقل حياة السكان ويؤثر على جودة بيئتهم. أما محلات صباغة السيارات والحدادة المنتشرة وسط الأحياء السكنية، فإنها تشكل تهديداً لصحة المواطنين بسبب الانبعاثات الضارة التي تخنق الأجواء.
الوعود في مواجهة الواقع
هذا الوضع يعيد إلى الأذهان سياسات المجالس السابقة التي لم تتمكن من معالجة ظاهرة استغلال الملك العمومي بشكل جذري، مفضلةً الحفاظ على الأصوات الانتخابية على حساب المصلحة العامة. ويبدو أن المجلس الحالي لجماعة أيت ملول يسير على نفس الخطى، حيث يبقى قراره الأخير مجرد إعلان لا يتبعه تنفيذ حازم أو خطة واضحة لتوفير بدائل مناسبة للحرفيين.
غياب البدائل وتأثيره على الحلول
إن حل هذه الإشكالية يتطلب رؤية شمولية تتجاوز القرارات المؤقتة، من خلال توفير فضاءات مخصصة للحرفيين تتيح لهم ممارسة أنشطتهم بعيداً عن الأحياء السكنية، مع ضمان عدم الإضرار بالبيئة وصحة المواطنين. كما يتطلب الأمر تعزيز الرقابة وتطبيق القوانين بصرامة على الجميع دون تمييز، لتجنب الانزلاق نحو مزيد من العشوائية.
المواطن بين الأمل وخيبة الأمل
يبقى المواطن الملولي الحلقة الأضعف في هذه المعادلة، حيث يجد نفسه محاصراً بين وعود لا تنفذ وواقع يزداد سوءاً. وبينما تتعالى شكاوى السكان، فإن استمرار استغلال الملك العمومي دون تدخل فعّال يعكس ضعف الإرادة السياسية في التصدي لهذه الظاهرة، مما يهدد بجعل العشوائية جزءاً من الواقع اليومي للمدينة.
على جماعة أيت ملول أن تتحمل مسؤوليتها في تطبيق القانون بصرامة، والعمل على تحسين الفضاء الحضري، بما يحقق التوازن بين حقوق الحرفيين وحقوق المواطنين، لأن أي تأخير أو تهاون في هذا الصدد سيؤدي إلى فقدان الثقة في المؤسسات المحلية وتعميق معاناة السكان.