أظهر التقرير السنوي للهيئة الوطنية للنزاهة والوقاية من الرشوة ومحاربتها، لعام 2023، تراجعاً ملحوظاً في مؤشرات إدراك الفساد بالمغرب. وقد دعت الهيئة إلى ضرورة الانتقال إلى مرحلة جديدة في استراتيجيات مكافحة الفساد، من خلال اعتماد مقاربات أكثر فعالية تتجاوز نقاط الضعف الحالية.
بحسب التقرير، حصل المغرب على درجة 38 من 100 في مؤشر مدركات الفساد، وهو ما يعني تراجعاً بمقدار 5 نقاط خلال الخمس سنوات الماضية. فقد بدأت رحلة التراجع هذه منذ عام 2018، حين سجلت البلاد أعلى نقطة لها بـ43. كما انخفض ترتيب المغرب من 73 إلى 97 ضمن 180 دولة، مما يعكس تفاقم المشكلة.
على الصعيد العربي، احتل المغرب المرتبة التاسعة، متفوقاً على بعض الدول، لكن تراجع مرتبتين على المستوى الإفريقي ليصبح في وضع وسطي متأخراً عن ست عشرة دولة أخرى. وأشار التقرير إلى أن ارتفاع مستويات الفساد السياسي في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا يؤثر سلباً على جهود مكافحة الفساد، وهو ما ظهر في تراجع مؤشر الفساد السياسي في المغرب، الذي يستمر في تدهوره منذ عام 2020.
فيما يتعلق بمؤشر النزاهة العمومية، سجل المغرب تراجعاً في عدد من المجالات، بما في ذلك استقلال القضاء وحرية الصحافة. ومن الجدير بالذكر أن نتائج البارومتر الإفريقي، الذي صدر في مايو 2023، أكدت أن الفساد يعد أحد أبرز المشاكل التي يواجهها المغرب، حيث أشار 79% من المواطنين إلى أن الحكومة لم تتعامل بشكل جيد مع هذه القضية.
التقرير أيضاً سلط الضوء على الفجوة في مدركات المواطنين بشأن فعالية جهود الحكومة في التصدي للفساد، حيث اعتبر 46.7% من المستجوبين أنهم غير قادرين على الإبلاغ عن حالات الفساد خوفاً من العواقب. هذا، ويبدو أن الفساد يرتبط بشكل وثيق بالعوامل الاقتصادية والاجتماعية، مما يجعل الفئات الفقيرة والمهمشة هي الأكثر تضرراً.
كما أشار التقرير إلى أن الفساد لا يزال يمثل عائقاً رئيسياً أمام المقاولات، حيث أكدت 15.7% من الشركات أن الفساد هو العقبة الأولى التي تواجهها. وتلقت حوالي 29.6% من هذه الشركات طلبات لدفع رشاوى للحصول على خدمات عمومية.
فيما يتعلق بمخاطر الفساد في مناخ الأعمال، أظهر مؤشر مصفوفة مخاطر الرشوة تراجعاً في تقييم المغرب، رغم استقراره على نفس النقطة. وعبر التقرير عن القلق من أن الفساد قد يعيق التطور الإيجابي لمناخ الأعمال، مما يؤدي إلى تراجع الاستثمارات.
وبهذه المعطيات، يتضح أن المغرب يواجه تحديات متزايدة في مواجهة الفساد، مما يستدعي خطوات عاجلة وفعالة لتحقيق تحسينات حقيقية في مستوى الشفافية والحكم الرشيد.