احتضن مدرج المختار السوسي بكلية العلوم القانونية والإقتصادية والإجتماعية بمراكش نهاية الأسبوع الماضي، أطوار مناقشة أطروحة لنيل الدكتوراه في العلوم القانونية ( القانون الخاص ) للقاضي ذ عزيز فاكس تحت عنوان * مدونة الأسرة بين المذهب المالكي والاجتهاد القضائي : دراسة تأصيلية للمادة 400 من مدونة الأسرة * التي حصل عليها بميزة مشرف جدا مع التوصية بالنشر.
الأطروحة، تمت تحت إشراف الدكتور محمد محروك أستاذ التعليم العالي كلية الحقوق بمراكش، وأمام لجنة للمناقشة مكونة من السادة الأساتذة، الدكتور محمد مومن أستاذ التعليم العالي كلية الحقوق بمراكش رئيسا ومقررا، والدكتور كمال بلحركة أستاذ التعليم العالي بكلية الحقوق بأكادير، والدكتورة وفاء جوهر أستاذة مؤهلة بكلية الحقوق بمراكش، الدكتور مبارك أبو معشر أستاذ مؤهل بالكلية المتعددة التخصصات بآسفي، والدكتور أحماد أيت مهاوض أستاذ مؤهل بكلية الحقوق بمراكش.
و خلال كلمته الإفتتاحية، أبرز ذ عزيز فاكس دور الأسرة باعتبارها خلية اساسية للمجتمع، وقد نص عليها الدستور المغربي واعتبرها أساسية في المجتمع وبها ينمو، مضيفان أنه للحصول على مجتمع راق، ينبغي تنظيم الأسرة تنظيما قانونيا، فكان لزاما تحديد نصوص قانونية تنظم العلاقات الأسرية، وانطلاقا من مدونة الأسرة، ولما نص المشرع وحدد مجموعة من النصوص القانونية لتنظيم العلاقات والنزاعات الأسرية ، لا يمكن أن يتنبأ بالعديد من النزاعات التي يمكن أن تحصل في المستقبل، ولهذا استعمل ما يسمى بمبدأ الإحالة على قواعد المذهب المالكي والإجتهاد الذي يراعى فيه تحقيق قيم الإسلام، وانطلاقا من المادة 400 من مدونة الأسرة التي تنص على أن ما لم يرد به نص يرجع فيه إلى المذهب المالكي والإجتهاد الذي يراعى فيه تحقيق قيم الإسلام من عدل ومساواة ومعاملة بالمعروف، ومن تمة فالمشرع لما نص على مبدا الإحالة على قواعد المذهب المالكي، يكون قد رفع القيد عن القضاء حينما كانت تنص مدونة الأحوال الشخصية على الإحالة على الفقه المالكي وخاصة منه الراجح والمشروط وماجري به العمل.
لكن المشرع بموجب المادة 400 وسع من هذا الإجتهاد ونص أولا على المذهب المالكي تم على الإجتهاد الذي يراعى فيه تحقيق القيم الإسلامية، لكن الإشكال الذي يثار كما يشير الأستاذ عزيز فاكس، أن النزاع الأسري سواء بين المواطنين داخل المغرب أو النزاعات التي يكون أحد أطرافها أجنبيان، فالإشكالية الكبرى لهذا الموضوع هو مفهوم الإجتهاد الوارد في المادة 400 من مدونة الأسرة، وأي دور للقضاء في تفعيل هذا الإجتهاد ، وبالتالي ستتفرع عن هذا الإشكال الكبير إشكاليات فرعية، منها تحديد أنواع هذا الإجتهاد وضوابطه، وهل هو اجتهاد داخل المذهب المالكي أو خارجه ؟ وما مدى مكانة الفقه المالكي في الإجتهاد القضائي ؟ وهل توفق القضاء في التوفيق بين القيم الإسلامية والإتفاقيات الدولية ؟ ووفقا للإشكال المطروح لموضوع الأطروحة فقد قسم الباحث بحثه إلى بابين، الباب الأول خصصه للإجتهاد الفقهي والقضائي على ضوء المادة 400 من مدونة الأسرة، والباب الثاني تطرق فيه للمنازعات الأسرية بين المادة 400 من مدونة الأسرة وقواعد القانون الدولي الخاص.
وتجدر الإشارة، ان المدة الزمنية لمناقشة الأطروحة السالفة الذكر دامت حوالي خمس ساعات متتالية، نظرا لقيمة وجودة الموضوع، ونظرا ايضا لوزن السادة أعضاء اللجنة المشرفة الذين يجمعون بين أصول الفقه والقانون.