في إطار فعاليات مهرجان المدينة العتيقة لإنزكان، المعروف بـ”تيسواك”، نظمت الجمعية المركزية لوادي سوس بالتعاون مع مجلس جماعة إنزكان أمس الثلاثاء 8 غشت 2023، ندوة علمية تحت عنوان “المدينة العتيقة بين التاريخ والتثمين”. تمثلت هذه الندوة في منبر ثقافي هام، حيث شهدت مشاركة مجموعة من الأكاديميين والخبراء في مجال التراث والتاريخ، بالإضافة إلى حضور عدد كبير من الفاعلين الثقافيين والجمعويين المهتمين بالحفاظ على تراث المدينة.

المداخلة الأولى، التي قدمها الأستاذ والباحث التراثي أحماد الطالب، استهلت بتسليط الضوء على الدلالة التاريخية واللغوية لمفهوم “تاسواكت”، والذي يعبّر عن الزنقة ويحمل في طياته قيمًا تاريخية وثقافية واجتماعية. واستعرض جذور المدينة العتيقة في إنزكان، مسلطًا الضوء على معالمها التراثية والثقافية والعمرانية البارزة، مثل القصبة التاريخية وأسايس نايت القايد وأكرور ن تيلاس، إلى جانب المسجد العتيق المعروف باسم مسجد الإمام علي. كما أشار إلى أهم الأعلام العلمية والثقافية والتاريخية الذين نشأوا في إنزكان، مسلطًا الضوء على تراثهم المبدع.

من جهته، قدّم الأستاذ أحمد إدوخراز في المداخلة الثانية موضوع “تثمين المدينة العتيقة وإسهام مهرجان تيسواك”. استعرض إدوخراز الإمكانيات العمرانية والتراثية والثقافية التي تحتضنها المدينة العتيقة، وأكد على أهمية الحفاظ على هذا التراث وحمايته من الاندثار. ومن ثم، ركّز على مجموعة القيم التي يحملها التراث بمختلف جوانبه (العلمية، الجمالية، المعمارية، الثقافية، التاريخية الرمزية، البيئية، والاقتصادية)، مشيرًا إلى ضرورة وضع خريطة تراثية تسهم في برنامج تثمين وتأهيل هذه المدينة العريقة. وختم مداخلته بالإشارة إلى إسهام مهرجان تيسواك في تحفيز الانتباه والإرادة لدى المسؤولين، من خلال تنظيم أنشطة تسلط الضوء على هذا التراث الثمين.

المداخلة الثالثة والأخيرة، تحمل عنوان “المشي في المدينة العتيقة، فاس البالي نموذجا” للأستاذ والباحث في علم الاجتماع “محمد بوجمعة”، حيث تناول عادة المشي في أزقة المدن العتيقة المكتظة وما تستدعيه من قيم كالتأني والتأمل والتواصل الجسدي وأخلاق التحرك كالحرص على عدم إيذاء الآخرين إضافة إلى اشتغال الحواس بقوة وتدفق الأحاسيس والمشاعر، وقد قدم نموذجا اشتغل عليه في أزقة مدينة فاس القديمة من خلال الصور.
بهذه المداخلات الثلاث، تجلى تأثير تاريخ وتراث مدينة إنزكان وازدهارها في المهرجان الثقافي “تيسواك”، حيث تم تسليط الضوء على أهميّة الحفاظ على تراث المدينة وتثمينه في سياق التنمية المحلية. إنّ هذه الندوة العلمية تعزّز الوعي بقيمة التراث الثقافي والتاريخي، وتشجّع على اتخاذ الإجراءات اللازمة للمحافظة عليه ونقله للأجيال القادمة.
A.boutbaoucht