عندما يفارق أحد العمال الحياة جراء حادث عمل مؤلم، تتصاعد المسؤولية على عاتق أصحاب العمل والجهات المعنية لضمان حدوث هذه الفاجعة.
في حادثة مأساوية بضيعة فلاحية في بلفاع، شهدنا الجمعة الماضية نموذجًا آخر من الاستخفاف بقيمة الحياة الإنسانية وتجاهل المسائل القانونية. حيت توفي عامل بعد تعرضه لنزيف حاد أثناء عمله، ورغم نقله بسيارة الإسعاف، إلا أنه فارق الحياة قبل وصوله إلى المستشفى. لكن الفاجعة لم تنته هنا، حيث قام مسؤولو الضيعة بنقل جثمان العامل إلى منزله ودفنه دون فتح تحقيق في ملابسات الحادث.
هذا المشهد الصادم ليس حادثة نادرة، بل يعكس واقعًا مريرًا يواجهه العمال في كثير من البيئات العملية، خاصة في الدول النامية. يعتبر العمال القوة الدافعة للتنمية والازدهار، ويتحملون أعباءً شاقة للحفاظ على إنتاجية القطاعات المختلفة، ولكن غالبًا ما تُجازف الشركات وأصحاب الأعمال بحياتهم دون أن يتحملوا عواقب تجاوزاتهم.
إن عدم فتح تحقيق في الحادثة يؤشر إلى احتمال وجود فساد يفوق الخيال في التعامل مع السلامة والأمان في مكان العمل. قد يكون العامل ضحية لسوء التخطيط وعدم توفير التجهيزات اللازمة للسلامة، مما يتسبب في حوادث غير متوقعة ومميتة. يتوجب على السلطات التحقيق في تلك الحوادث وتحميل المسؤولين جراءتهم على تجاوز مبادئ السلامة الأساسية.
يُظهر هذا المأساوي للعلن أزمة أخلاقية وقانونية خطيرة. يتعين على مصالح الدرك الملكي والسلطات المحلية التدخل بسرعة وحزم، وفرض عقوبات رادعة ضد المسؤولين عن هذا التستر وعدم التزامهم بتوفير بيئة عمل آمنة. العمال يستحقون العيش بكرامة والعمل في ظروف مناسبة وآمنة، ويجب أن يكون لهم حق تقديم شكوى والحصول على دعم وحماية في حالة التعرض للمخاطر أثناء أداء واجباتهم.
في النهاية، على المجتمع ككل أن يتحمل مسؤوليته ويناصر العمال الذين يضحون بحياتهم من أجل النهوض بالاقتصاد والمجتمع. يجب أن تكون الشركات والمؤسسات ملتزمة بتوفير بيئة عمل آمنة وتلتزم بالإجراءات اللازمة لتحسين الظروف العملية. وعلى الحكومات أن تعزز سياساتها وقوانينها لضمان توفير الحماية والعدالة للعمال ومحاربة الفساد والتستر على حوادث العمل.