عبدالله بوشطارت…
مسلسل تلفزي أمازيغي، يشارك فيه ممثلون وممثلات ينحدرون من مناطق مختلفة تتحدث بلغة تاشلحيت، يتضمن تعبير تاشلحيت ن آيت باعمران ولاخصاص وإمجاض، ثم تزنيت تيغمي، وصعودا نحو آيت باها اشتوكن، ومحور انزگان أگادير، ثم تارودانت، أعلى سوس بسفوح أطلس درن، وحيز كبير من لغة إيحاحان التي تغطي الحصة الأهم في المسلسل، ثم تعبير إمي نتانوت، والحوز بما فيه سفوح شمال درن، إضافة إلى تعبير وارزازات وزاكورة. هذه الانتماءات المناطقية والثقافية كلها حاضرة في المسلسل، وقد يتداول بعضها في مشهد واحد أوفي عدة مشاهد متلاحقة، وقد يحصل أن تتداول في حلقة واحدة.
هذه الانتماءات الجغرافية للممثلين الذين يشخصون أدوار هذا المسلسل، تنتمي إلى أربع جهات وهي جهة كلميم وادنون، سوس ماسة، درا تافيلالت، ثم جهة مراكش آسفي. وعدد هذه الجهات يمثل ثلث عدد جهات المغرب، وتغطي مساحة جغرافية واسعة ومترامية الأطراف، قد تغطي من شمال مراكش إلى الساقية الحمراء ومن سواحل أكادير والصويرة إلى الحدود الشرقية مع الجزائر، وهذا المجال الجغرافي الحيوي اقتصاديا واجتماعيا وطبيعيا ومعدنيا وثقافيا تنتشر فيه لغة أمازيغية حية، لاتزال تقاوم كل محاولات التعريب الذي يزحف إليها ويهددها من كل الجهات والمواقع، من المدرسة والإعلام والمدينة والمجتمع والادارة والبيت ومن كل مكان وفضاء.. لكنها لاتزال صامدة..
في هذا المسلسل إذن، تتخاطب كل من منطقة وادنون وجزولة وسوس وايحاحان وامي نتانوت والحوز ووارزازات ودرا (درعة) زاكورة، وإذا أضفنا تافيلالت ستكتمل الصورة، وإن كانت تامزيغت أسامر تحمل بعض الاختلافات الخفيفة بالمقارنة مع تامزيغت في المناطق الأخرى في سوس والصحراء والأطلس الكبير الغربي إيحاحان والحوز…هذا القطب الجغرافي الممتد من المحيط إلى الصحراء وتافيلالت مرورا بالاطلس الكبير والصغير، على اعتبار أن الاطلس الصغير ممتد من هضبة إفني وباني وايت باها وتافراوت وسيروا إلى صاغرو حيث توجد آيت عطا، فهو مجال جغرافي وثقافي واحد يلتقي مع الأطلس الكبير في منطقة أسكاون، لذلك فهذه المجالات الجغرافية التي لها عدة قواسم مشتركة، يجب العمل على استثمار ها ثقافيا وسينمائيا وإعلاميا وفنيا، فمحور وادنون وسوس والحوز ودرا وتافيلالت يجب أن يكون قطبا ثقافيا مشتركا ومتعاونا، ويبدأ المهتمون بالثقافة الأمازيغية في كل أوج الابداع والدراما والسينما والكتابة، في الاشتغال على هذا المشترك اللساني واللغوي والثقافي، لتعزيز جسور الإلتقاء وتقويتها وتثمين مقومات التعاون والعمل المشترك، فيما يخدم مصالح الأمازيغية كمجال ولغة وثقافة وإنسان..
فمصالح الامازيغ والامازيغية تضيع بشكل خطير في هذه الجهات والمناطق، لاسيما في جهة كلميم وادنون وجهة مراكش آسفي ودرعة تافيلالت، بحكم العديد من الأسباب، لا داعي لذكرها فهي ظاهرة للعيان، لنأخذ مثلا واقع الأمازيغية والمناطق ذات الكثافة الامازيغية في جهة مراكش آسفي، سواء تعلق الأمر باقليم الصويرة الذي ينتمي إليه إيحاحان، أو إقليم شيشاوة الذي تنتمي إليه امي نتانوت وإنتوگا والبنسيرن… ، أو إقليم الحوز الذي ينتمي إليه امازيغ سفوح الجبل كامسيوان واوريكن وإيگلوا… فهذه المناطق تعتبر الأكثر عزلة وتهميشا وفقرا، أما حقوق الأمازيغية كلغة فلا أحد يتحدث عنها في هذه الجهة وتلكم الأقاليم المذكورة…
أعتقد أن هذا القطب الامازيغي الكبير الذي يربط بين شمال المغرب وصحرائه الجنوبية، من الأفضل التفكير من الآن فصاعدا، في سبل تطوير مشتركه الثقافي والحضاري، فهو الذي ساهم في بناء جزء كبير من تاريخ وحضارة المغرب، ومنه ظهرت الامبراطوريات الأمازيغية الكبرى التي وحدت كل بلاد الأمازيغ، لاسيما المرابطون والموحدون والسعديون ثم السملاليون، كما يضم العاصمة السياسية والحاضرة التاريخية للمغرب مراكش… وللصدفة فالمسلسل المذكور تم تصويره بقرية إجوكاك بقرب من العاصمة الروحية والدينية للامبراطورية الموحدية تنمل..
فهذا الكنز اللغوي الثمين، هو من بين الأسرار التي يبوح بها مسلسل بابا علي..