أعلنت المندوبية الوزارية المكلفة بحقوق الإنسان أمس في بلاغ لها أن المندوب شوقي بنيوب، أحال ملف تحرش جنسي على النيابة العامة، تورط فيه مسؤول سابق في المندوبية “م. ح”، وهربت بعد افتضاح أمره، لكن الغريب أن المسؤول سرعان ما احتضنته أمينة وبوعياش وعينته مسولا كبيرا في مجلسها.
وكانت أربع موظفات، بالمندوبية الوزارية المكلفة بحقوق الإنسان، اشتكين من تعرضهن لتحرشات جنسية من قبل المسؤول السابق على قسم الشؤون الإدارية والمالية ابتداء من سنة 2014، لكن لم يصل أبدا إلى القضاء، وظل محميا بشكل جيد، قبل أن يفر بجلده ويستقيل من مهامه، ويغادر إلى بيته، ثم ظهر من جديد في مكاتب المجلس الوطني لحقوق الإنسان.
واستنادا إلى المعلومات الأولية المتوفرة، فالمسؤول الذي أحال ملفه بنيوب على النيابة العامة والمتورط في قضايا تحرش جنسي، هو مهندس تقني اشتغل في المندوبية السامية للتخطيط لسنوات، قبل أن يفر أيضا بعد تورطه في قضايا مماثلة للتحرش الجنسي، قبل أن يرتمي في حماية مندوبية حقوق الإنسان.
المسار المرضي للرجل سرعان ما انفضح بعدما دخل في سلسلة تحرشات بنساء وموظفات وعاملات “النظافة” في مندوبية حقوق الإنسان، وكان يختار ضحاياه بعناية فائقة وبمعايير محددة تعتمد على “الأرداف” و”الجمال وبياض بشرة الضحية”، ويستعمل أساليب الضغط والترهيب لتلبية شذوذه، ولم يستثن حتى المستخدمات المكلفات بتسيير الندوات في المؤتمرات فكان يتحرش بهن.
الرجل هرب من مندوبية التخطيط لتفادي الفضائح التي كانت زوجته تتعذب جراءها، فهي أيضا كانت تعاني من أثار ذلك، حتى إنها كانت تتبع خطواته لمنعه من تكرار فضائحه، لكنها دخلت فيما بعد في نوبة مرضية خضعت على إثرها للعلاج وطلبت الطلاق، لكن سرعان ما يتدخل “الناس” ويعيدون الأمور إلى بدايتها، لكن هو كان له رأي آخر، الاستمرار في حصد الضحايا وتلبية الرغبات الشاذة.
كان حري بمندوبية التخطيط أن تحيل ملفه في بدايته على القضاء ليقول كلمته فيه، لا أن تتركه هاربا يغزو مناطق أخرى ومؤسسات أخرى وينشر مرضه وشذوذه، الى أن جاء يوم أمس حيث أحال ملفه المندوب المكلف بحقوق الإنسان على القضاء، الذي حتما سيدخل على الخط وسيفتح تحقيقا واسعا لمعرفة تفاصيل هذه الفضيحة الجنسية ومن كان يوفر الحماية لهذا المهندس التقني لينفذ جرائمه في حق ضحاياها بكل أريحية.
ويبدو أن رئيسة المجلس الوطني لحقوق الإنسان، آمنة بوعياش، وجدت نفسها في ورطة، ففي الوقت الذي أطلقت فيه قبل أشهر حملة لمناهضة التحرش الجنسي ضد النساء في أماكن العمل، قامت بتوظيف مسؤول سابق في المندوبية الوزارية لحقوق الإنسان متهم بالتحرش بأربع موظفات.
وهكذا وجد المسؤول موضوع البلاغ نفسه في منصب جديد كإطار عالي في المجلس الوطني لحقوق الإنسان بعد عملية إعادة هيكلة مديرية الشؤون المالية والبشرية والإدارية بالمجلس الشهر الماضي وإعفاء المديرة السابقة.
غير أن توظيف متهم بالتحرش الجنسي في منصب كهذا في مجلس يعنى بحقوق الإنسان، يطرح الكثير من التساؤلات، أولها، هل كانت أمينة بوعياش تعلم مسبقا بملفه وبمساره الحافل بالتحرش الجنسي؟ وهل ستتدخل لحماية المشتكيات وتقديمه للقضاء وعزله فورا من منصبه؟.
ويذكر أن المهندس “م. ح ” صاحب الفضائح، كان قد ساهم في حالة من الإحتقان سادت لمدة جل مكونات وزارة حقوق الإنسان، وكان سببها في سوء التقدير في قرارات المصالح الإدارية بالوزارة، والتي لم تكن تجد لها في أغلب الأحيان أي سند ضمن الضوابط والقوانين والأعراف الإدارية الجاري بها العمل في هذا الإطار.
ويذكر أن مندوبية حقوق الإنسان سبق أن تفجرت فيها قضية تحرش جنسي تورط فيها سؤول أخر، وأثارت الكثير من القال والقيل، وحان الوقت لفتح تحقيق شامل وعميق لمعرفة من كان يتستر على هذه الملفات ومنع وصولها إلى النيابة العامة والقضاء.