مهرجانات الفقر: عندما تلمع الوجوه وتغرق اشتوكة في الظلام

يعيش إقليم اشتوكة آيت باها مفارقة غريبة ومثيرة للسخرية، ففي الوقت الذي تعاني فيه بعض جماعاته من فقر مدقع وهشاشة اجتماعية، تُصرف ملايين الدراهم على مهرجانات لا يبدو أن لها من أهداف سوى تلميع وجوه رؤساء الجماعات وتوزيع “غنائم” على المقربين. فمن مهرجان “إيكودار” في جماعة أداوكنظيف، إلى مهرجان “تزرزيت” في سيدي عبد الله البوشواري، ومهرجان “الكميت” في آيت وادريم، تتكرر نفس المشاهد: شعارات براقة عن التنمية والاحتفاء بالثقافة تخفي وراءها حقيقة مريرة من الهدر والعبث بالمال العام.

هشاشة مطلقة وتنمية “في خبر كان”
إنها التنمية التي لم تر النور بعد، ففي الوقت الذي تصرف فيه ميزانيات ضخمة على أيام من اللهو والرقص، تبقى البنيات التحتية في تلك الجماعات في حالة يرثى لها. ففي أداوكنظيف التي احتضنت مهرجان “إيكودار”، ما زالت الطرقات متهالكة لدرجة يصعب معها تسميتها طرقات والمستوصف يفتقر الى أبسط التجهيزات. وفي سيدي عبد الله البوشواري، لا يزال السكان ينتظرون الماء الصالح للشرب، ويعيشون العطش في عز القرن الحادي والعشرين، في حين أن أموالاً طائلة صُرفت على مهرجان “تزرزيت”. أما آيت وادريم، صاحبة مهرجان “الكميت”، فما هي إلا عنوان للفقر والإهمال، حيث لا أثر لمشاريع تنموية حقيقية، بل مجرد مهرجان ينتهي وتُترك صور الترويج الانتخابي خلفه.

فضائح متراكمة ومستحقات لم تُصرف
تتجاوز الفضيحة حدود الهدر المالي لتصل إلى ما هو أبعد من ذلك. فبالإضافة إلى الأموال التي تُصرف دون رقيب أو حسيب، هناك حديث متزايد عن أن بعض المنظمين والفنانين لم يتسلموا مستحقاتهم بعد. هذا الوضع يزيد الطين بلة، ويُظهر أن هذه المهرجانات لا تهدف حتى إلى دعم الفنانين، بل هي مجرد صفقات سياسية مفضوحة، تبادل فيها المصالح وتُشترى الولاءات. كما أن تكريم أشخاص من خارج الإقليم، لأسباب غامضة، في الوقت الذي يُقصى فيه أبناء المنطقة المبدعون، يُعد إهانة واضحة وممنهجة لكل من يحملون همّ الإقليم.

مطالب شعبية بـ”افتحاص مالي عاجل”
أمام هذه المهزلة، يتصاعد الغضب الشعبي وتتحد الأصوات في المطالبة بفتح تحقيق شامل وعاجل.فالأسئلة باتت تطرح نفسها بقوة: من صرف هذه الأموال؟ وكم صُرف بالضبط؟ والأهم: لمن ذهبت هذه الأموال؟ إن ما يُشاع عن أرقام خيالية مقابل يومين أو 3 فقط من الترفيه يستفز مشاعر الساكنة التي تعيش في عزلة وفقر مدقع.

 اشتوكة تحتاج “ماء” لا “مهرجانات”
إن الحقيقة التي لا يمكن إنكارها هي أن إقليم اشتوكة آيت باها ليس في حاجة إلى مهرجانات، بل هو في أمس الحاجة إلى الماء الصالح للشرب، والطرق الصالحة، والمدارس، والمراكز الصحية المجهزة. إن المهرجانات التي تُقام تحت شعار التنمية الثقافية ما هي في حقيقتها إلا أداة انتخابية قذرة تُستخدم لشراء الولاءات وتلميع الفشل.

فإلى متى ستظل اشتوكة رهينة مهرجانات الواجهة التي لا تخدم سوى أصحاب النفوذ؟ ومن سيحاسب على هذه المهزلة؟

 

 

 

الأخبار ذات الصلة

1 من 1٬060

اترك تعليقا

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *