في الوقت الذي تحتفل فيه بلادنا بالذكرى الـ 72 لثورة الملك والشعب، شهدت جماعة سيدي عبد الله البوشواري مهرجانًا يحمل اسم “تزرزيت”، نُظّمته جمعية “أبراز” وبالشراكة مع المجلس الجماعي. غير أن هذا الحدث، الذي كان من المفترض أن يكون مناسبة للاحتفاء والترفيه، تحول إلى بؤرة لتساؤلات مثيرة حول شفافية الصفقات العمومية وحسن تدبير المال العام.
صفقات غامضة وتساؤلات مشروعة
وفقًا للمعلومات المتداولة، أثارت بنود صفقة المهرجان العديد من علامات الاستفهام. فعلى الرغم من أن دفتر التحملات ينص على توفير 5000 كرسي بلاستيكي، و500 كرسي ممتاز، و500 سجادة، إلا أن مصادر محلية تؤكد أن هذه التجهيزات لم يتم توفيرها من طرف الجهة المنظمة، بل استُعيض عنها بمستلزمات من جماعات مجاورة. هذا الأمر يطرح سؤالًا جوهريًا: لماذا تم إطلاق صفقة ضخمة بتلك الشروط، إذا كانت التجهيزات متوفرة أساسًا؟
ولم تقف التساؤلات عند هذا الحد، بل امتدت لتشمل صفقات أخرى. فقد تساءلت المصادر عن صفقة توفير 500 طاولة طعام: ما هي ميزانيتها؟ ومن هو المسؤول عن تنفيذها؟ وهل تمت عبر القنوات القانونية المعتادة؟
المنظم الحقيقي.. والتدخلات المريبة
تُشير المعطيات المتوفرة إلى وجود تداخلات غير مبررة في تنظيم المهرجان. فبينما تُقدّم جمعية “أبراز” على أنها المنظِّم الرئيسي، تؤكد مصادر محلية أن رئيس المجلس الجماعي هو من يتحكّم في كل التفاصيل، من الصغيرة إلى الكبيرة، وهو ما يجعل دوره محلّ شك وتساؤل. هذا التداخل بين دور الجمعية ودور المسؤول المنتخب يثير الريبة حول مدى استقلالية العمل المدني في هذا الحدث.
عقود فنانين وصفقة “التبوريدة”: ممارسات تحتاج إلى توضيح
لم تسلم الجوانب الفنية من هذه الشكوك. فبخصوص عقود بعض الفنانين، أُثيرت تساؤلات حول عدم تحديد قيمة التعويضات بشكل صريح في العقود، مع طلب توقيعها بعد تصحيح الإمضاء. هذه الممارسات، إن صحت، تثير تساؤلات حول مدى مطابقتها للمعايير القانونية والإدارية. كما أن صفقة “التبوريدة” لم تسلم من نفس المصير، حيث تساءلت المصادر عن كيفية إبرامها وتكلفتها الحقيقية.
مطالب بالشفافية والمساءلة
في ظل هذه المعطيات، أصبحت مطالب الشفافية والمساءلة هي الشغل الشاغل للمتتبعين. فالمهرجان، الذي كان يفترض أن يخدم المصلحة العامة، بات يواجه اتهامات بسوء التدبير وتبذير المال العام. من الضروري أن تتحرك الجهات المختصة للتحقيق في هذه الادعاءات، والتحقق من سلامة الإجراءات واحترام دفاتر التحملات، لضمان حقوق الجميع وحماية المال العام.
وفي انتظار أي توضيحات رسمية، يبقى مهرجان “تزرزيت” مثالًا حيًا على أهمية مراقبة الصفقات العمومية والتدبير المحلي، حتى لا تتحول المناسبات الوطنية إلى فرص للممارسات التي تسيء للعمل العام وتهدد الثقة بين المواطن والمؤسسات.