أيت عميرة: قطب سكاني واقتصادي في حاجة إلى مستشفى للقرب يواكب نموها المتسارع

في قلب سهل اشتوكة، تبرز جماعة أيت عميرة كنموذج صارخ للتوسع الديمغرافي السريع الذي يشهده المغرب في بعض المناطق الحيوية. فمنذ إحداثها سنة 1992، حيث لم يكن عدد سكانها يتجاوز 25 ألف نسمة، عرفت أيت عميرة تطورًا سكانيًا مذهلًا، ليتضاعف هذا العدد أكثر من أربع مرات خلال ثلاثة عقود، ويصل إلى 113,236 نسمة سنة 2024، متجاوزة بذلك ساكنة إقليم طاطا بأكمله (107,521 نسمة)، ومشكّلة ما يعادل ثلاثة أضعاف ساكنة 11 جماعة جبلية مجتمعة بإقليم اشتوكة آيت باها.

موقع استراتيجي ونمو فوضوي في مقابل تأخر البنية الصحية

يرجع هذا التزايد الكبير في عدد السكان إلى عوامل عدة، على رأسها الموقع الجغرافي الاستراتيجي لأيت عميرة، وتوافر فرص الشغل في الضيعات الفلاحية الموجهة للتصدير، مما جعل منها وجهة مفضلة للباحثين عن العمل، سواء من مناطق مغربية أخرى أو من دول إفريقيا جنوب الصحراء.

لكن المفارقة الصارخة في أيت عميرة تكمن في كونها تحولت إلى مركز بشري واقتصادي ضخم دون أن تواكبه الخدمات الصحية الأساسية. إذ لا تزال الجماعة تعتمد على مراكز صحية من الدرجتين الأولى والثانية، وهي بنية عاجزة بشكل واضح عن استيعاب حاجيات أكثر من 113 ألف نسمة، ناهيك عن الوافدين من جماعات وأقاليم مجاورة.

ضغط متزايد وغياب مستشفى للقرب

هذا التفاوت الكبير بين عدد السكان وضعف التجهيزات الصحية أدى إلى ضغط رهيب على الخدمات الطبية المحدودة، وهو ما يهدد جودة الرعاية الصحية ويقلص من فرص الولوج العادل للعلاج، في ظل تنامي الطلب على الطب الاستعجالي والاختصاصي.

والغريب أن جماعات مجاورة مثل القليعة – رغم عدد سكانها الأقل (101,350 نسمة) – وصلت أشغال بناء مستشفى للقرب بها مراحلها النهائية، بينما لا يزال مطلب مستشفى القرب بأيت عميرة مؤجلاً بلا مبرر مقنع.

مرجع قانوني واضح… وحق مشروع

القانون الإطار رقم 34.09، والمرسوم رقم 2.14.562 الصادر بتاريخ 24 يوليوز 2015، حدد بشكل واضح في مادته الـ 45 أن أي جماعة يتجاوز عدد سكانها 70 ألف نسمة تستحق مستشفى للقرب. وبالتالي، فإن أيت عميرة تستوفي هذا الشرط القانوني بامتياز، بل تتجاوزه بهامش كبير، ما يجعل مطلب الساكنة ليس فقط شرعيًا بل مؤسسًا على مقتضى قانوني صريح.

أيت عميرة تستحق… والأرقام لا تكذب

ليس من المنطقي أن تستمر جماعة بهذا الحجم، والتي تمثل إحدى أكبر الحلقات الإنتاجية في منظومة الفلاحة التصديرية الوطنية، دون منشأة صحية تليق بمكانتها ودورها. فعدد سكان أيت عميرة لوحده يوازي مدنًا متوسطة، بل ويكاد يعادل عدد سكان عمالات بكاملها.

إن إقامة مستشفى للقرب بأيت عميرة لم يعد خيارًا، بل ضرورة ملحّة تمليها الاعتبارات السكانية، الصحية، الاقتصادية، وحتى الأمنية، لضمان الاستقرار الاجتماعي وتقليص الفوارق الترابية.

نحو تدخل وزاري عاجل

وأمام هذا الوضع، تتعالى أصوات المجتمع المدني والمنتخبين المحليين بضرورة تدخل وزارة الصحة ووزارة الداخلية بشكل عاجل لتسريع برمجة هذا المشروع، الذي سيسهم بشكل مباشر في تحسين جودة الحياة، وتوفير العلاج الكريم لساكنة تستحق الكثير مقابل ما تقدمه من مجهود اقتصادي وتنموي للجهة والبلاد ككل.

أيت عميرة لا تطلب امتيازًا… بل تطلب فقط حقها في الصحة، وفقًا للقانون والدستور.

الأخبار ذات الصلة

1 من 742

اترك تعليقا

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *