الجمارك تفتح تحقيقا واسعا في تلاعبات خطيرة تهم بيانات السلع المستوردة

كشفت مصادر مطلعة أن عناصر الفرقة الوطنية للجمارك تسابق الزمن لتحديد هويات شركات استيراد كبرى متورطة في التلاعب بالبيانات التقنية للسلع المستوردة، بهدف تقليص الرسوم الجمركية المستحقة، انطلاقا من ميناءي الدار البيضاء وطنجة المتوسط، في ممارسات ترقى إلى مستوى الغش الجمركي عبر التحايل على القانون.

وأوضحت المصادر أن مراقبي الجمارك شرعوا في التدقيق في وثائق هذه الشركات، تمهيدا لإعادة تقييم الرسوم الجمركية المستحقة من طرف المصالح المركزية لإدارة الجمارك، والتي تشمل فرض مبالغ إضافية وغرامات مالية وعقوبات مرتبطة بالغش الضريبي.

وأضافت المصادر ذاتها أن عملية الافتحاص استندت إلى البيانات التقنية للسلع المستوردة، والتي تم معالجتها عبر خلايا القيمة في النقط المينائية، اعتمادا على معطيات واردة من مصالح مراقبة العمليات التجارية وقسم تقييم القيمة الجمركية، وهو ما ساعد في كشف تناقضات كبيرة في مواصفات السلع المستوردة من نفس المصدرين، خاصة من الصين وهونغ كونغ.

وأشارت المصادر إلى أن السلع المشبوهة شملت إكسسوارات كهربائية وأواني وتجهيزات منزلية وأجهزة إلكترونية وميكانيكية، حيث ركزت عملية التدقيق على التحقق من وجود شهادات منشأ وشهادات ملاءمة حقيقية، عبر آليات تبادل البيانات مع الإدارات الجمركية في الدول المصدّرة.

وقدرت الخسائر الناجمة عن هذه التلاعبات بحوالي 90 مليون درهم، فيما رصدت الفرق المكلفة حالة شركة استيراد في الدار البيضاء قدمت تصريحات مغلوطة عن نوعية ومواصفات أجهزة إلكترونية، خاصة هواتف محمولة، لإيهام الإدارة بأنها أقل قيمة، بينما أظهر التفتيش الميداني أنها ذات جودة عالية، مما استوجب فرض غرامات كبيرة وتسوية الفارق الجمركي.

كما تم ضبط حالة أخرى تتعلق باستيراد سيارات مستعملة تم التلاعب في بياناتها، خصوصا سعة المحرك وسنة الصنع، بهدف تقليل قيمة الرسوم الجمركية، وهو ما دفع المصالح المختصة إلى فرض غرامات مالية ثقيلة وإجبار المعنيين بالأمر على تصحيح وثائقهم.

وكشفت المصادر ذاتها عن توسيع التحقيقات لتشمل تلاعبات في إطار نظام “القبول المؤقت”، حيث تم الوقوف على شبهات تفيد بإدخال سلع ضمن هذا النظام ثم إعادة بيعها في السوق المحلي دون تصديرها، ما مكن المستوردين من تحقيق أرباح كبيرة بفضل الإعفاء من الرسوم، في مخالفة واضحة للقانون.

وقد وقفت الفرق الميدانية على فوارق بين التصريحات المتعلقة بالاستيراد والتصدير، مما عزز الشكوك حول إخراج جزء من المواد الأولية من دورة الإنتاج وإعادة بيعها كما هي في السوق المغربية.

وتجدر الإشارة إلى أن النظام الرقمي الجديد لإدارة الجمارك، المعتمد على الذكاء الاصطناعي، مكّن من رصد كل الفواتير المشبوهة المرتبطة بملفات الاستيراد، حيث يتصل هذا النظام بقاعدة بيانات الإدارات الجمركية الأجنبية التي تربطها اتفاقيات تبادل معلومات مع نظيرتها المغربية، كما يستند إلى قواعد مهنية للتحقق من الأسعار الحقيقية.

وبفضل رقمنة معظم المساطر والربط مع بعض الشركاء، أصبحت إدارة الجمارك تتوفر على قاعدة بيانات متقدمة تسهل عمليات المراقبة، حيث تعتمد عليها اللجنة الوطنية للاستهداف من أجل التحقق من صحة التصريحات ورصد أي اختلالات في الوثائق.

الأخبار ذات الصلة

1 من 739

اترك تعليقا

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *