في مشهد قاتم تختلط فيه روائح النفايات بدخان الإحراق العشوائي، وتضيع فيه الوعود الانتخابية بين واقع بيئي متردٍّ وغضب شعبي متصاعد، تعيش جماعة سيدي بيبي بإقليم اشتوكة آيت باها، وبالأخص ساكنة تجزئة أملال، أزمة بيئية وصحية خانقة، عنوانها العريض: لا نظافة، لا التزام، ولا محاسبة.
مطرح النفايات… قنبلة يومية موقوتة
لم يعد الحديث عن مطرح النفايات العشوائي بجماعة سيدي بيبي مجرد تذمر عابر من ساكنة مجاورة، بل تحوّل إلى ملف ساخن يعكس فشلًا ذريعا في تدبير الشأن البيئي المحلي. فالساكنة تؤكد، من خلال شعاراتها واحتجاجاتها المتواصلة، أنها تعاني من أمراض جلدية وتنفسية خطيرة بفعل الغازات السامة المنبعثة من المطرح، حيث تُحرق النفايات بشكل شبه يومي، في غياب أي نظام للفرز أو المعالجة، وتحول المطرح إلى مكب عشوائي لجثث الحيوانات النافقة أيضًا.
حرائق مشبوهة وتعطيل للمؤسسات التعليمية
ما يُثير الريبة هو تكرار اندلاع الحرائق قبيل كل دورة ميزانية جماعية، ما دفع الكاتب المحلي للبيجيدي إلى توجيه مراسلة الى العامل السابق، مشكّكا في طبيعة هذه “الحرائق العشوائية”، خصوصًا وأن المطرح يخضع للحراسة، ما يطرح أسئلة حول إن كانت هذه الحوادث مفتعلة لخدمة أهداف غير معلنة.
هذه الانبعاثات لم تؤذِ الهواء فقط، بل وصلت إلى المؤسسات التعليمية، وتسببت في توقف الدراسة بثانويتين إعداديتين، وهدر الزمن المدرسي، وهو ما يمثل مسًّا خطيرًا بحقوق التلاميذ ومستقبلهم الدراسي.
المجزرة… بؤرة أخرى للتلوث والإهمال
وإن كان المطرح البيئي يمثل “الكارثة الكبرى”، فإن المجزرة الجماعية لا تقل عنها خطورة، حيث يتم تفريغ المياه العادمة ومخلفات الذبح في حوض مكشوف يفتقر لأبسط المعايير الصحية، ما أدى إلى تفشي الروائح الكريهة، وتكاثر الحشرات، وتلوث الهواء والماء والتربة، في خرق سافر لكل القوانين البيئية الجاري بها العمل.
وفي الأيام الأخيرة، تم رصد كميات إضافية من مخلفات المجزرة تم تفريغها قرب المطرح، مما زاد من تفاقم الوضع البيئي والصحي، ورفع من منسوب الغضب لدى الساكنة المجاورة.
احتجاج واعتصام… وصوت المواطن يعلو
أمام هذا الوضع الكارثي، خاض سكان تجزئة أملال وأحياء مجاورة احتجاجات متواصلة، رافقها اعتصام مفتوح قرب المطرح، وقرروا منع شاحنات الجماعة وجرارات جمعيات المجتمع المدني من ولوج المطرح، تعبيرًا عن رفضهم تحويل منطقتهم إلى مكب دائم، وللضغط على المسؤولين من أجل إيجاد حل جذري.
هذه الخطوة، وإن كانت تعبيرًا عن يأس عميق، إلا أنها تؤشر إلى احتقان اجتماعي خطير قد يتحول إلى أزمة أوسع إذا استمر التهميش والتجاهل.
وعود انتخابية تبخرت وحكامة غائبة
الساكنة لم تنسَ بعد أن رئيس المجلس الجماعي الحالي كان قد وعد خلال حملته الانتخابية بطي هذا الملف وتحويل المطرح إلى مكان بديل، ووقف معاناة ساكنة أملال، لكن الواقع يقول إن الأمور ازدادت سوءًا بعد وصوله إلى المنصب. الوعود تلاشت، والمعاناة تفاقمت، ولا جواب من أصحاب القرار.
دعوة للمحاسبة والتدخل العاجل
اليوم، لم يعد مقبولًا الصمت أمام كارثة بيئية تمسّ الحق في الحياة والبيئة السليمة. الساكنة تطالب بتدخل عاجل وفوري من قبل عامل الإقليم والسلطات المختصة، من أجل:
نقل المطرح إلى مكان ملائم خارج المناطق السكنية.
إغلاق المجزرة أو تأهيلها وفق شروط السلامة البيئية.
فتح تحقيق شفاف في قضية الحرائق المتكررة.
محاسبة كل من ثبت تقصيره أو تواطؤه في استمرار هذا الوضع.
نداء إلى العامل الجديد… فالأمل معقود على التغيير
في ظل هذا الوضع البيئي الكارثي وتفاقم الأضرار الصحية والاجتماعية، تناشد ساكنة سيدي بيبي، وبالأخص تجزئة أملال، السيد العامل الجديد لإقليم اشتوكة آيت باها، بالتدخل العاجل والحاسم من أجل إنهاء هذه المعاناة التي طال أمدها.
السكان يعلّقون آمالًا كبيرة على عامل الإقليم الجديد لإعطاء هذا الملف ما يستحقه من اهتمام، واتخاذ إجراءات واقعية تنهي زمن الوعود وتنتصر لحقهم في بيئة نظيفة وآمنة.
إن التحرك الميداني والاستماع المباشر لنبض الساكنة، بعيدًا عن التقارير الجاهزة، سيكون الخطوة الأولى نحو استعادة الثقة في المؤسسات، ومعالجة واحدة من أكثر الأزمات البيئية إلحاحًا في الإقليم. فهل تتحقق الاستجابة المنتظرة… ؟