يتداول في أوساط عدد من الجماعات القروية التابعة لأقاليم شهدت مؤخرًا تعيين عمال جدد، أن بعض المسؤولين المحليين شرعوا في حثّ المواطنين على عدم طرح أية مشاكل أو شكاوى خلال الزيارات الميدانية التي يقوم بها العمال الجدد في إطار جولاتهم التعارفية وتفقدهم لأوضاع الجماعات.
ووفق ما استقته جريدة “الرأي الآخر” من معطيات أولية، فإن هذه التوجيهات غير الرسمية، والتي توصف من قبل البعض بـ”تعليمات الصمت”، تأتي خشية إحراج بعض رؤساء الجماعات أو المسؤولين الإداريين المحليين أمام العامل الجديد، الذي يحاول تكوين تصور أولي عن وضعية تراب الإقليم، ومستوى الخدمات وظروف الساكنة.
الجريدة تحقق… والملف مفتوح
الجريدة باشرت جمع شهادات وشكاوى المواطنين، من أجل التحقق من مدى صحة هذه الممارسات، والتي قد تمس بحق دستوري يتعلق بحرية التعبير عن المطالب وتبليغ المسؤولين بمشاكل التهميش، وغياب البنيات التحتية، أو سوء تدبير بعض المرافق العمومية.
وأكدت مصادر مطلعة أن تعليمات غير رسمية صدرت عن “البعض”، تطلب من الساكنة “تفادي الحديث عن المشاكل”، و”عدم رفع التظلمات” أثناء زيارات العامل الجديد، وذلك في محاولة لتقديم صورة إيجابية ومزيفة عن الواقع المحلي، دون أن يكون ذلك بالضرورة نابعًا من رغبة العمال الجدد أنفسهم في تغييب صوت المواطنين.
المواطن… الحاضر الغائب؟
ويخشى العديد من الفاعلين المحليين أن تتحول هذه الجولات إلى زيارات شكلية، لا تعكس الواقع الحقيقي للمعاناة اليومية التي تعرفها العديد من الدواوير، خصوصًا فيما يتعلق بـ:
ضعف البنيات الطرقية.
ندرة الماء الصالح للشرب.
غياب المرافق الصحية.
تراجع الخدمات التعليمية.
وتفشي البطالة وغياب فرص العيش الكريم.
أعذار التغيير… في قفص الاتهام
الجريدة، إذ تحتفظ مؤقتًا بأسماء بعض الجماعات المعنية، تؤكد أنها ستكشف في الوقت المناسب عن هوية الجهات التي مارست ضغوطًا على المواطنين، أو سعت إلى توجيه الرأي المحلي، ما دامت هذه الممارسات تشكل خرقًا لأبسط شروط الشفافية والإنصات لنبض الساكنة.
تحركات خفية ومحاولات للتشويش
ندرك جيدًا أن مهمتنا لن تكون سهلة، في ظل تحركات خفية تهدف إلى التشكيك في مصداقية الجريدة ووضع العراقيل أمام عملها، في محاولة يائسة لإرباك مسار الحقيقة.
لكن ما نسيه هؤلاء، هو أننا تخرجنا من مدرسة علمتنا أن حب الوطن هو الأول، وأن قول الحقيقة واجب، وليس خيارًا.
نحن لا نكتب لإرضاء الأفراد، بل لنصرة المواطنين، والانتصار لقيم العدالة والشفافية.
دعوة للسلطات الإقليمية
وفي هذا السياق، تدعو الجريدة السادة العمال الجدد إلى إيلاء أهمية لأساليب التواصل المباشر مع الساكنة، والإنصات لأصوات المهمّشين، الذين غالبًا ما يُقصون من مشهد التقييم الأولي لواقع الجماعات، إما بسبب “تعليمات صامتة” أو بسبب غياب منبر يعبرون من خلاله عن معاناتهم.
كما نناشد عمالنا الجدد أن يبحثوا عن الحقيقة بأعينهم، لا من خلال التقارير المصفّاة أو الخطابات الجاهزة، فليس كل صوت منتقد هدفه التشويش، وليس كل صمت دليلاً على الرضا.
فغالبًا ما توجد في هذه الجماعات أصوات نزيهة وغيورة على منطقتها، مستعدة للتكلم وكشف الواقع، لكنها تنتظر فقط من يشعرها بالأمان والإنصات الصادق.
إن ثقة المواطن لا تُمنح بالسلطة، بل تُكتسب بالموقف، والاستماع، والقدرة على التغيير. ومتى شعر المواطن بأن العامل يُنصت له فعلاً، لا شك أن الحقائق ستخرج إلى العلن، وسيكون أول من يضع يده في يد الإدارة لتحقيق التنمية والعدالة المجالية.