مآسي الغرق في شواطئ طنجة تتكرر.. هل من حلول واقعية لحماية المصطافين؟

تشهد شواطئ مدينة طنجة خلال فصل الصيف سنويا موجة متكررة من حوادث الغرق التي تؤرق الساكنة والزوار على حد سواء، وتطرح أسئلة حول مدى جاهزية وتنسيق المصالح المختصة في مواجهة هذه الظاهرة المتجددة التي تؤدي في كثير من الأحيان إلى خسائر بشرية مأسوية. وعشية أمس الأحد 22 يونيو2025، وقع حادث غرق جديد لشاب بشاطئ المريسات، حيث جرفته الأمواج أثناء السباحة، ما استدعى تدخل فرق الإنقاذ التي تمكنت من انتشاله في الوقت المناسب، قبل نقله في حالة حرجة إلى المستشفى لتلقي الإسعافات الضرورية.

تكرار مثل هذه الحوادث في شواطئ طنجة يعكس حجم التحديات المرتبطة بسلامة المصطافين، خاصة في ظل الإقبال الكبير على السباحة والاستجمام خلال أشهر الصيف، والتي تتزامن مع ارتفاع درجات الحرارة وزيادة الزوار من مختلف مناطق المغرب وخارجه. ورغم الجهود المبذولة من طرف السلطات المحلية والفرق المختصة، فإن بعض العوامل تبقى متداخلة، مما يصعب التحكم الكامل في مخاطر الغرق.

من بين هذه العوامل، تتصدر الأمواج العالية والتيارات البحرية القوية قائمة الأسباب المباشرة التي تجرف السباحين نحو الأعماق، خصوصًا في مناطق محددة من الشواطئ التي تعرف تغييرات جيولوجية في قاع البحر قد لا تكون واضحة للمرتادين. كما تلعب ظاهرة نقص الوعي والسلامة الذاتية دورًا مهمًا، حيث يستهين بعض الشباب بخطورة السباحة في أماكن غير محروسة أو في أوقات غير مناسبة، ما يزيد من احتمالية وقوع الحوادث.

كما تبرز الحاجة الملحة إلى تعزيز الإجراءات الوقائية، والتي تشمل نشر المزيد من لافتات التحذير من المخاطر، وتكثيف حملات التوعية بمخاطر السباحة غير الآمنة، خاصة بين الشباب، إلى جانب توفير المزيد من نقاط الإنقاذ والحرص على تدريب فرق التدخل السريع بشكل دوري. ويتطلب الأمر أيضا تكثيف التنسيق بين المصالح الأمنية، وفرق الوقاية المدنية، والبلديات لضمان تواجد مستمر للمنقذين على الشواطئ الأكثر ازدحامًا.

كما ينبغي على الجهات المعنية التفكير في استراتيجيات مبتكرة تستجيب لتزايد الإقبال على الشواطئ، مثل تفعيل نظام مراقبة إلكتروني يعتمد على كاميرات متطورة ترصد حركة الأمواج والسلوكيات الخطيرة، وتنبيه المنقذين في الوقت المناسب. ولا يقل أهمية تطوير برامج تعليمية داخل المؤسسات التعليمية تهدف إلى تعزيز ثقافة السلامة المائية من الصغر.

وعلى الرغم من أن حوادث الغرق التي تقع في طنجة وغيرها من المدن الساحلية ليست حكرا على جهة معينة، فإن حساسيتها تكمن في أن طنجة تمثل وجهة سياحية بارزة تجمع بين الشواطئ الممتدة والتضاريس البحرية المتنوعة، مما يجعلها نموذجا مصغرا للتحديات التي تواجهها المدن الساحلية المغربية.

و يبقى التعامل مع ظاهرة الغرق على شواطئ طنجة ومسؤوليات الحد منها، قضية تتطلب مقاربة شاملة ومتكاملة تجمع بين الوعي المجتمعي، والتخطيط الحكومي، والتعاون بين مختلف القطاعات لضمان صيف آمن لجميع المرتادين، والحد من معاناة العائلات التي تفقد أحبائها في ظروف مأساوية كل سنة.

 

الأخبار ذات الصلة

1 من 1٬354

اترك تعليقا

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *