دوار برج حمدان بسيدي بيبي… حين تتحول “مسارات الإنجاز” إلى برك من الوحل والمياه العادمة”فيديو”

في قلب إقليم اشتوكة آيت باها، وبالضبط بدوار البرج حمدان التابع لجماعة سيدي بيبي، تتكشف مأساة بيئية وصحية تضرب عرض الحائط كل الشعارات الرنانة حول التنمية والحكامة. ففي مشهد يجسد المعاناة اليومية للمواطن البسيط، يعيش السكان على وقع كارثة بيئية حقيقية، تتمثل في انتشار برك مائية آسنة من المياه العادمة التي تغمر الأزقة وتملأ الطرقات، ناشرةً روائح كريهة وأمراضًا تهدد الأطفال والساكنة بشكل مباشر.

واقع مرير وصمت مُريب
ما عاينته “جريدة الرأي الآخر” اليوم الثلاثاء 17 يونيو 2025، يُظهر واقعًا مريعًا بعيدًا كل البعد عن الخطابات السياسية والتقارير الرسمية المزيفة. فمع انسداد كل السبل أمامهم، اضطر السكان لإحداث مجرى عشوائي لتصريف مياه الصرف الصحي المنزلية. هذا الحل اليائس تسبب في تكوّن بركة كبيرة وسط الدوار، تحوّلت مع الوقت إلى بؤرة خصبة لتكاثر البعوض، الناموس، والحشرات الناقلة للأمراض.

تهديد مباشر لصحة الأطفال وحياتهم
الساكنة المحلية تُعبر عن قلقها المتزايد من انفجار الوضع الصحي، خصوصًا مع لعب الأطفال قرب هذه البركة الملوثة، مما يجعلهم عرضة بشكل خاص للإصابة بـالأمراض الجلدية والتنفسية، وحتى الأمراض المعوية الخطيرة. كل هذا يحدث وسط غياب تام لأي تدخل وقائي أو استباقي من طرف السلطات المحلية أو المصالح الصحية المختصة. يبدو أن حياة وصحة هؤلاء الأطفال ليست أولوية في أجندة المسؤولين.

طريق عام يتحول إلى مستنقع قذر: فضيحة بالصورة
الصورة التي التقطتها الجريدة من الطريق الرابطة بين مركز سيدي بيبي ودوار البرج حمدان، تختزل حجم الكارثة وتُعري الواقع: مياه عادمة تملأ الطريق، نفايات بلاستيكية متراكمة، وغياب كلي لخدمات النظافة والتطهير. طريق رئيسي، يُفترض أن يكون شريانًا للحياة والتنقل، تحوّل إلى مستنقع عمومي قذر، في تناقض صارخ مع اللقاءات الرسمية التي تُنظَّم في المنطقة، والتي يتحدث فيها المسؤولون عن مشاريع وإنجازات “مزعومة”.

لقاء “الإنجازات” في مواجهة واقع “النفايات”
ما يزيد الأمر سخرية ومرارة هو أن هذا الوضع البيئي والصحي المأساوي تزامن مع لقاء سياسي رفيع المستوى احتضنته جماعة سيدي بيبي نفسها، الأسبوع الماضي. اللقاء ضم شخصيات وازنة كـالناطق الرسمي باسم الحكومة مصطفى بايتاس، ووزير الفلاحة محمد صديقي، ورئيس جهة سوس ماسة كريم أشنكلي، إلى جانب عدد من رؤساء الجماعات المنتمين لحزب التجمع الوطني للأحرار، تحت شعار رنان: “نقاش الأحرار… مسار الإنجازات”.

لكن واقع دوار البرج حمدان يفضح زيف هذا الشعار، ويطرح تساؤلات مشروعة و محرجة عن الفرق الشاسع بين ما يُقدَّم في المنصات الرسمية وما يُعاش على أرض الواقع.

أسئلة محرجة تنتظر إجابة وحلولًا
يتساءل المواطنون بمرارة ويأس:

كيف يُمكن للمسؤولين الحديث عن إنجازات تنموية بينما تفتقر جماعة سيدي بيبي لأبسط مقومات العيش الكريم؟
هل من المنطق والمقبول أن تتحول الطرقات إلى مجاري صرف صحي في منطقة تستقبل وزراء ومسؤولين حكوميين؟
أليس من واجب الدولة والجماعات المنتخبة أن تضع صحة المواطن وكرامته فوق أي اعتبارات سياسية أو انتخابية ضيقة؟
نداء عاجل ومطالب واضحة
يطالب سكان دوار البرج حمدان، ومعهم المجتمع المدني المحلي، بـتدخل عاجل وحازم لوضع حد لهذه الكارثة:

إطلاق مشروع حقيقي للصرف الصحي يربط الدوار بالشبكة العامة في أقرب الآجال.
تنقية الطريق الرئيسية من المياه العادمة وتعبيدها بالشكل الذي يحترم كرامة الإنسان وحقه في بيئة نظيفة.
فتح تحقيق جاد ومسؤول حول تقاعس الجهات المسؤولة عن معالجة الوضع البيئي رغم الشكايات المتكررة والموثقة.
محاسبة كل من تهاون أو تواطأ في تحويل هذه المنطقة إلى بؤرة بيئية ملوثة تهدد حياة ساكنيها.
إلى متى ستستمر هذه المأساة؟ وهل سيتمكن العامل الجديد لإقليم اشتوكة آيت باها، والسلطات المعنية، من الاستجابة لهذا النداء العاجل وإنقاذ حياة هؤلاء المواطنين من براثن التلوث والإهمال؟

طريق سيدي بيبي في اتجاه دوار برج حمدان:

 

 

 

الأخبار ذات الصلة

1 من 1٬348

اترك تعليقا

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *