لطالما سعت بعض الشخصيات العمومية إلى رسم صورة مثالية عن نفسها، توهم الساكنة بأنها الوحيدة التي تخدم بضمير خالص، مستغلين في ذلك بعض المنابر الإعلامية وصفحات التواصل الاجتماعي لتلميع صورتهم. وفي إقليم اشتوكة آيت باها، يبدو أن رئيس جماعة معني بهذا الوصف، حيث يواصل “تفننه” في إيهام الساكنة بأنه “الفارس المغوار” الذي لا ينام له جفن خدمة لمصلحة الجماعة، بينما تكشف الأيام والأحداث حقيقة مغايرة تمامًا. وفي هذه الحلقة الثالثة، نسلط الضوء على مجموعة من الفضائح الموثقة بالأدلة، والتي تضع علامات استفهام كبيرة حول شفافية ونزاهة هذا الرئيس.
استغلال المال العام والاستهتار بالسلامة
في أواخر عام 2022، وبعد أن خصص الرئيس لنفسه سيارة فاخرة تابعة للجماعة لتنقلاته، كانت وجهته الأولى مدينة مراكش. والغريب في الأمر، أنه وثق جولته بنفسه، مما يدل على استهتاره بالمال العام وعدم اكتراثه بالقوانين. فقد كان يسير بسرعة 170 كيلومترًا في الساعة، متجاوزًا السرعة القانونية بكثير، ومعرضًا حياته وحياة الآخرين، بالإضافة إلى سيارة الجماعة، للخطر الشديد. وتتوفر الجريدة على فيديو يوثق هذه التفاصيل الصادمة.
خرق القانون في لوحات التسجيل
تتوالى المخالفات لتشمل حتى تفاصيل بسيطة ولكنها جوهرية. فقد قام الرئيس بوضع لوحات تسجيل باللون الأسود ومكتوبة باللون الأبيض على سيارة الجماعة، وهو ما يخالف الشروط والمعايير المنصوص عليها في النصوص القانونية الجاري بها العمل، والتي تحدد بوضوح خصائص وشروط تثبيت لوحات التسجيل. هذا التصرف لا يعكس فقط عدم التزامه بالقانون، بل يثير تساؤلات حول مدى احترامه للأنظمة والقوانين المنظمة لعمل الجماعات الترابية.
التلاعب بميزانية النقل المدرسي: ثمن سيارة خاصة!
تعد هذه الفضيحة من أخطر ما كشف عنه، حيث تكشف عن تلاعب مباشر بميزانية مخصصة لخدمة عمومية حيوية. فقد قام الرئيس بشراء سيارته الخاصة بطريقة ملتوية، مستوليًا على ميزانية كانت مخصصة لشراء سيارة للنقل المدرسي قبل نهاية الولاية السابقة. كانت مدة تسليم سيارة النقل المدرسي شهرين، ولكن بعد بداية الولاية الجديدة، ألغى الرئيس الحالي الصفقة بحجة عدم تسلم السيارة في الآجال القانونية. وفي المقابل، صرح صاحب الشركة أن الرئيس هو من رفض تسلمها. والأخطر من ذلك، أنه بعد رفض الصفقة، قرر الرئيس تخصيص الميزانية لشراء سيارة خاصة به، مدعيًا أن عامل إقليم اشتوكة السابق وعده بسيارة للنقل المدرسي، وأن سيارة الجماعة مهترئة وبها أعطاب. والنتيجة المأساوية لهذا التلاعب هي انقطاع التلاميذ عن الدراسة بسبب انعدام وسيلة النقل، مما يضع مستقبلهم التعليمي على المحك.
تبذير المال العام على المآكل
في دليل آخر على سوء تدبير المال العام، كشفت المعطيات أن الرئيس وأعضاء الجماعة صرفوا مبلغًا ضخمًا قدره 130 ألف درهم في ستة أشهر فقط على المآكل. هذا المبلغ المهول يثير تساؤلات حول أولويات الجماعة وشفافية صرف الميزانية، خاصة في ظل وجود احتياجات ملحة للساكنة في مجالات حيوية كالنقل المدرسي.
شبهة تضارب المصالح: شركة “كوثر”
تكتمل سلسلة الفضائح بالكشف عن شبهة تضارب المصالح، حيث تبين أن الشركة المستفيدة من إحدى الصفقات هي “مرة أخرى” تابعة للرئيس، ولكن باسم سيدة تدعى “كوثر”. هذا يفتح الباب أمام تساؤلات جدية حول مدى استغلال النفوذ لتحقيق مكاسب شخصية، ويقوض مبادئ الشفافية والمنافسة الشريفة في الصفقات العمومية.
إن هذه الوقائع المثبتة، والتي تم توثيقها بالأدلة، ترسم صورة مقلقة عن طريقة تسيير رئيس جماعة اشتوكة آيت باها، وتدحض ادعاءاته بـ”الضمير” و”الخدمة الصادقة”. إنها دعوة صريحة للجهات المختصة للتدخل وفتح تحقيق شامل في هذه الفضائح التي تمس المال العام ومستقبل الأجيال الصاعدة. فهل ستكون هذه الحلقة بداية لكشف المزيد من الحقائق، ومحاسبة كل من سولت له نفسه التلاعب بمصالح المواطنين؟