باشرت المديرية العامة للجماعات الترابية بوزارة الداخلية المغربية عملية تدقيق موسعة في تقارير وإخبارات تتعلق بتورط عدد من الموظفين ورؤساء الجماعات والمستشارين في عمليات تهريب عقود كراء بهدف التهرب من أداء الضرائب، في خطوة تهدف إلى تعزيز الرقابة على موارد الدولة والحد من الفساد الإداري.
وحسب مصادر مطلعة، فإن هذا التهريب يتم عبر الضغط على مصالح الإشهاد على صحة الإمضاء داخل الجماعات، بهدف عدم تحويل نسخ عقود الكراء إلى المصالح الجبائية والخزينة العامة، وهو ما يُمكّن بعض الأطراف من التهرب من التصريح الحقيقي بالسومة الكرائية وتفادي الأداءات الضريبية المرتبطة بها.
وقد رُصدت حالات مؤكدة لهذا النوع من التلاعب في عدد من الجماعات التابعة لإقليمي مديونة وبرشيد، حيث تم اتخاذ إجراءات تأديبية بحق بعض الموظفين، شملت الإعفاء من المهام أو إحالتهم إلى مناصب بدون مسؤولية، وذلك على خلفية رفضهم الامتثال لضغوطات تهدف إلى تعطيل المساطر القانونية المتعلقة بعقود الكراء.
كما كشفت التحقيقات الأولية عن تلاعبات واضحة في تحديد السومة الكرائية داخل بعض العقود، ما يطرح علامات استفهام كبيرة حول نزاهة تدبير هذا القطاع على المستوى المحلي، ويبرز الحاجة إلى إصلاحات جوهرية في آليات المراقبة والشفافية.
وفي هذا الإطار، تستعد وزارة الداخلية لإيفاد لجان تفتيش إلى الجماعات المعنية، لتدقيق عمل أقسام الإشهاد على صحة الإمضاء، والتحقق من مدى مطابقة السجلات الإدارية للعقود الموقعة مع واقع التحويلات نحو المصالح الجبائية. كما ستركز هذه اللجان على تتبع مصير نسخ العقود المشهود على توقيعها، والتأكد مما إذا تم توجيهها قانونيًا إلى المصالح المختصة.
وفي خطوة داعمة لهذا التوجه، تم إطلاق تنسيق جديد بين المديرية العامة للجماعات الترابية والمديرية العامة للضرائب، يهدف إلى تجميع المعطيات المتعلقة بالملزمين، واستخدامها في عمليات المراقبة الضريبية وتعزيز الوعاء الجبائي.
وتروم هذه العملية ضبط التهرب الضريبي المرتبط بعقود الكراء، وتعزيز حكامة تدبير الموارد المالية للجماعات الترابية، من خلال تقنين المساطر وضمان الشفافية في التصريحات المرتبطة بالأنشطة العقارية.
هذا وتُعد هذه الخطوة مؤشراً واضحاً على تشدد وزارة الداخلية في تتبع مسارات الفساد الإداري داخل الجماعات، وحرصها على تنزيل مقتضيات الحكامة الجيدة وربط المسؤولية بالمحاسبة، في إطار تعزيز الثقة في المؤسسات وحماية المال العام.