وزارة الداخلية تستنفر رؤساء الجماعات: تقارير تفتيش تكشف عن “بذخ وصفقات مشبوهة”

في خطوة تعكس بداية مرحلة جديدة من المحاسبة، وجهت وزارة الداخلية استفسارات كتابية إلى عدد من رؤساء الجماعات الترابية، بناءً على تقارير تفتيش صادمة كشفت عن “بذخ” و”تلاعبات” في تدبير المال العام.

وقد أنجزت هذه التقارير لجان تابعة للمفتشية العامة للإدارة الترابية، وركزت على وقائع “التبذير” في صفقات تتعلق بشراء وكراء سيارات فارهة، ومنح تعويضات مبالغ فيها لنواب ومستشارين، في تجاهل واضح للقوانين والتوجيهات الحكومية التي تدعو إلى ترشيد النفقات.

صفقات مشبوهة ومحاباة في التوزيع

لم تقتصر التجاوزات على البذخ في النفقات، فقد رصدت التقارير أيضًا صفقات “مشبوهة” مرتبطة بتجهيز مكاتب الجماعات وتنظيم تظاهرات محلية. وتُشير شبهات قوية إلى وجود تلاعبات تمت بالتواطؤ مع مقاولات وموردين، بعضهم تربطهم علاقات قرابة برؤساء المجالس المعنيين.

ووفقًا للمعطيات المتوفرة، فإن هذه الاستفسارات شملت بشكل أساسي جماعات في جهتي الدار البيضاء-سطات ومراكش-آسفي، مع ترجيحات بأن تتسع رقعة التحقيقات لتشمل مناطق أخرى. وترجح مصادر إدارية أن تؤدي هذه العملية إلى إعفاءات محتملة وإحالة بعض الملفات على محاكم جرائم الأموال.

تجاهل الأولويات وتكرار أسماء المقاولات

كشفت التفتيشات أن عددًا من الرؤساء لم يلتزموا بتعليمات العمال والولاة بخصوص ترشيد النفقات، حيث استمروا في إعطاء الأولوية لـ”الكماليات” مثل كراء السيارات، بدل توجيه الميزانيات نحو قضايا ملحّة تواجهها الساكنة كأزمة الماء الصالح للشرب، مواجهة الجفاف، أو تقوية البنيات التحتية.

كما أظهرت عمليات التدقيق في دفاتر التحملات أن بعض الشروط التقنية أُدرجت بطريقة لا تتيح المنافسة الحرة، حيث أدت إلى فوز مقاولات بعينها بالصفقات. هذا الأمر عزز شبهات المحاباة والمنافع المتبادلة في تدبير المال العام، خاصة وأن أكثر من 23 جماعة تعاقدت مع ثلاث شركات فقط بشكل متكرر.

تأتي هذه التدقيقات في سياق يشدد فيه القانون التنظيمي 113/14 على خضوع مالية الجماعات لمراقبة المجالس الجهوية للحسابات، كما أنها تتزامن مع تعليمات سابقة من وزير الداخلية عبد الوافي لفتيت لتعزيز الشفافية ومحاصرة ممارسات التلاعب في الصفقات العمومية.

ويرى المتابعون للشأن المحلي أن هذه الموجة من الاستفسارات ليست مجرد إجراء شكلي، بل مؤشر على بداية مرحلة جديدة في محاسبة المنتخبين وربط المسؤولية بالتدبير الفعلي للمال العام.

الأخبار ذات الصلة

1 من 1٬063

اترك تعليقا

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *