إداوكنيضيف ومهرجان “إكودار”: حين يصرّ الواقع على البقاء خارج شعارات المهرجان

في الوقت الذي تتجه فيه الأنظار نحو مهرجان “إكودار” في دورته السابعة، وما يرافقه من احتفالات فنية وثقافية، يبرز سؤال محوري يتردد في أوساط الساكنة والمهتمين بالشأن المحلي: هل نجح المهرجان في أن يكون واجهة حقيقية للتنمية المحلية، أم أنه لا يزال مجرد تظاهرة موسمية لا تلامس عمق الانتظارات الحقيقية لأهالي إداوكنظيف؟

صحيح أن هذا العام شهد تفاعلاً أكبر من طرف السلطات الإقليمية، ولا سيما بفضل اللقاء التواصلي الذي ترأسه عامل إقليم اشتوكة آيت باها، السيد محمد سالم الصبتي، مع المجلس الجماعي لإداوكنيضيف في الثاني من يوليوز 2025. وكان ذلك مناسبة مهمة لتشخيص واقع الجماعة، والوقوف عند العديد من الإكراهات والمشاريع التي تعرفها المنطقة، من قبيل تعزيز البنيات التحتية، تحسين العرض الصحي والتعليمي، فك العزلة عن الدواوير، وتطوير العرض السياحي والتعاوني.

لكن الأمانة تقتضي القول إن ما قدّمته السلطات الإقليمية، وعلى رأسها عامل الإقليم، جاء في إطار واجبها المؤسساتي والتجاوب مع مطالب الجماعة، وليس مبادرة فردية أو إنقاذاً استثنائياً للمهرجان. لذلك، فإن تحميل العامل وحده مسؤولية “نجاح” دورة هذا العام، كما حاول بعض المنظمين الإيحاء، يُعد اختزالاً غير دقيق لجوهر المشكل.

النجاح الحقيقي رهين بفعالية المنتخبين

إذا كان المهرجان قد استفاد هذه السنة من تسهيلات لوجستيكية وتفاعل إداري إيجابي، فذلك لا يجب أن يحجب حقيقة أن مسؤولية التنمية، أولاً وأخيراً، تقع على عاتق المنتخبين المحليين، الذين تعاقبوا على تدبير الجماعة، والذين كان ينبغي عليهم استثمار المهرجان كرافعة للترافع على ملفات استراتيجية، لا مجرد مناسبة للفرجة والتصريحات الإعلامية.

إداوكنظيف تتوفر على مؤهلات واعدة: من الذاكرة التاريخية، إلى المؤهلات الطبيعية، إلى الرصيد البشري المحلي، لكن رغم ذلك ما تزال مؤشرات التنمية تسير ببطء. لا تزال ساكنة دواوير متعددة تعاني من ضعف الولوج إلى الماء الصالح للشرب، ومن الخصاص في التجهيزات الصحية، ومن صعوبات التنقل والتعليم، رغم كل ما أنجز.

الاحتفال لا يعوّض الفعل الملموس

من الجيد أن يُخصص جزء من برمجة المهرجان لتكوين النساء، وتنظيم معارض للمنتوجات المحلية، وسهرات تراعي الخصوصية الثقافية. ولكن، هل يكفي أسبوع واحد في السنة لتعويض غياب رؤية تنموية مندمجة ومستدامة؟ وهل يُعقل أن تتصدر المهرجانات المشهد، بينما تتوارى المشاريع الاجتماعية والاقتصادية في دواليب الانتظار؟

لقد دعا عامل الإقليم، خلال لقائه بالمجلس الجماعي، إلى إطلاق شراكات حقيقية لتثمين المؤهلات الطبيعية والسياحية، وتعزيز العرض التربوي، ودعم المشاريع المدرة للدخل. لكن هذه الدعوة تحتاج إلى تعبئة جماعية من طرف المنتخبين، والمجتمع المدني، والفاعلين الاقتصاديين، بعيداً عن منطق “المهرجانات أولاً والتنمية لاحقاً”.

مهرجان ناجح؟ نعم، ولكن…

مهرجان “إكودار” لهذه السنة قد يكون نجح في التنظيم، بفضل جهود مشتركة من السلطة والجماعة والمجتمع المدني، ولكن النجاح الحقيقي يُقاس بمدى استثماره في خدمة قضايا التنمية المحلية.

ما تنتظره إداوكنظيف اليوم ليس فقط منصة وسهرة، بل مسارات معبّدة، مؤسسات تعليمية قوية، خدمات صحية قريبة، فرص اقتصادية متجددة، وتوزيع عادل للموارد.

وإلى أن يتحقق ذلك، سيبقى “إكودار” عنواناً للفرجة… لا أكثر.

الأخبار ذات الصلة

1 من 759

اترك تعليقا

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *