المنازل العتيقة بأشتوكة أيت باها: كنز معماري يواجه خطر الضياع

تشهد جماعة أشتوكة أيت باها حالياً جدلاً واسعاً حول مستقبل منازلها العتيقة، التي تواجه تهديداً حقيقياً بالهدم في ظل مشروع واسع لإعادة الهيكلة يهدف إلى تحسين البنية التحتية للمنطقة. فبين مطرقة التحديث وسندان الحفاظ على التراث، تتأرجح قيمة تاريخية وثقافية لا تقدر بثمن، متمثلة في مبانٍ تحكي قصص قرون مضت.

تُعد المنازل العتيقة في اشتوكة أيت باها جزءًا لا يتجزأ من النسيج المعماري الأصيل للمنطقة. هذه البيوت، التي يعود تاريخ بنائها إلى عدة قرون، ليست مجرد هياكل قديمة، بل هي شواهد حية على تاريخ المنطقة وتطورها عبر الزمن. تتميز بتصميمها الفريد الذي يعكس الطابع التقليدي للمنطقة، وتعتمد على مواد بناء محلية كـ”الطين والخشب”، ما يمنحها قيمة جمالية وتاريخية ومعمارية فريدة. إنها ليست مجرد مساكن، بل هي جزء من هويتنا الجماعية، وعلامة على براعة الأجداد في فن البناء الذي يراعي الظروف البيئية والاجتماعية للمنطقة.

يطمح مشروع إعادة الهيكلة، كما يؤكد المسؤولون عنه، إلى تحسين جودة الحياة وتوفير بنية تحتية حديثة تلبي احتياجات الساكنة. ويشمل ذلك توسيع الطرقات، وإعادة تأهيل الشبكة الكهربائية، وتحديث شبكة المياه والصرف الصحي. وهي أهداف نبيلة بلا شك تهدف إلى مواكبة التطور وتقديم خدمات أفضل للمواطنين.

لكن السؤال الذي يطرح نفسه هنا هو: هل يجب أن يكون التحديث على حساب التراث؟ فالساكنة المحلية تنتقد بشدة هذا المشروع، وترى فيه تهديداً صريحاً لمنازلها التي تمثل إرثاً لا يعوض. إن مطالبهم ليست مجرد رفض للتطوير، بل هي دعوة ملحة لإيجاد حلول بديلة ومبتكرة تضمن تحقيق أهداف التنمية مع الحفاظ على القيمة التاريخية والثقافية لهذه المنازل. يقترح الكثيرون إعادة تأهيل المنازل العتيقة وترميمها بدلاً من هدمها، وهو ما سيسمح بالحفاظ على هذا الإرث الثمين وتكييفه مع متطلبات الحياة الحديثة، بل وتحويله إلى نقطة جذب سياحية واقتصادية تخدم المنطقة.

إن الحفاظ على هذه المنازل العتيقة لا يمثل مجرد خيار، بل هو ضرورة ملحة. إنها كنوز معمارية وثقافية، تجسد الذاكرة الجماعية لأجيال وأجيال. وهي تحمل في طياتها قصصاً وحكايات عن طريقة عيش الأجداد، وتفاصيل عن فنهم وهندستهم المعمارية التي لا تقدر بثمن. فهل تنجح أشتوكة أيت باها في الموازنة بين تحديات التحديث ومتطلبات الحفاظ على تاريخها الغني؟ هذا هو التحدي الذي يجب أن يواجهه الجميع، لضمان أن يكون مستقبل المنطقة مبنياً على تقدير عميق لماضيها.

 

A.Boutbaoucht

الأخبار ذات الصلة

1 من 1٬028

اترك تعليقا

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *