للوهلة الأولى، قد يظن المرء أنه أمام نقطة حدودية حساسة تخضع لحراسة مشددة، لكن المشهد المعني يجري فعليا في القنيطرة، وتحديدا عند مدخل شاطئ سيدي بوغابة، حواجز عشوائية، سلاسل معدنية، وأشخاص دون أي صفة قانونية يتحكمون في ولوج المصطافين إلى البحر مقابل أداء مبلغ مالي. ما ينبغي أن يكون مجرد ولوج إلى فضاء عمومي، يتحول فجأة إلى نقطة أداء رسوم غير قانونية.
إن هؤلاء الأشخاص نصبوا أنفسهم “حراسا” لا يرتدون أي زي رسمي، ولا يحملون شارات تعريف، ولا يتوفرون على أي ترخيص إداري، ورغم ذلك، يفرضون وجودهم بسلطة الواقع، ويطالبون بمبالغ مالية ثابتة أو متغيرة من كل سيارة أو عائلة ترغب في قضاء يوم على الشاطئ. لا وصل تسلم، ولا قانون معلن، فقط عبارة تتكرر باستمرار: “خلص وإلا رجع منين جيت”.
هذا الظاهرة لا تقتصر على هذا الموقع فقط، بل تمتد إلى العديد من الشواطئ عبر مختلف جهات المملكة، من الشمال إلى الجنوب. في كل مدخل يتكرر السيناريو ذاته: رجال ينصبون نقاط مراقبة مرتجلة، غالبا ما يتم التغاضي عنها، وأحيانًا يحمى أصحابها، نشهد بذلك نوعا من “الخصخصة” غير المشروعة للساحل، تنفذها شبكات غير رسمية تستغل غياب المراقبة الصارمة وتواطؤ أو صمت السلطات.
هذا الصمت المؤسسي يثير العديد من التساؤلات، كيف يمكن تفسير عدم اتخاذ أي إجراء ملموس لمنع هذه الممارسات؟ كيف يسمح بابتزاز المواطنين من أجل الولوج إلى فضاء من المفترض أن يكون مشتركا ومفتوحا للجميع؟.
الحق في الولوج المجاني والحر إلى الشواطئ مكفول بموجب الدستور المغربي، ومؤطر بالقوانين المتعلقة بالمجال العمومي البحري، غير أن الواقع على الأرض يعكس شيئا مختلفا تماما: واقعا تسوده مظاهر الإفلات من العقاب. وفي بعض الحالات، يؤدي رفض الدفع إلى مشادات كلامية، أو حتى تهديدات واعتداءات لفظية، الأسر التي جاءت فقط للاستمتاع بالرمل والبحر، تجد نفسها أمام نوع من “الابتزاز المقنع”، وكأن السلطات قد تخلت عن دورها في المراقبة.