الصراصير تغزو هرهورة وتكشف فشل تدبير بيئي في واحدة من الوجهات الساحلية الراقية

تحولت مدينة هرهورة، المصنفة ضمن الوجهات الساحلية الراقية على مشارف الرباط، إلى مصدر قلق ومعاناة لسكانها مع حلول كل صيف، بدل أن تكون فضاء للراحة والاستجمام، تعيش المدينة على وقع انتشار مهول للصرصارات والذباب والجرذان، وسط روائح كريهة تنبعث من الحفر الصحية العشوائية.

مشهد يبعث على الاستغراب في منطقة يفترض أنها من بين الأجود من حيث جودة العيش، لكنه يكشف واقعا مغايرا، حيث تعاني أحياء بأكملها من غياب شبكة صرف صحي حديثة وفعالة.

في سنة 2025، لا تزال آلاف الأسر في هرهورة تعتمد على حفر صحية بدائية، في ظل إرث عمراني فوضوي لم تتم معالجته، وغياب إرادة سياسية حقيقية على مستوى التسيير المحلي، إن المشكل لا يقتصر فقط على البنية التحتية، بل يمتد إلى تأثير مباشر على صحة السكان، خاصة مع التنامي المستمر لأعداد الحشرات الناقلة للأمراض، كالصراصير، التي وجدت في هذا الفراغ البيئي تربة خصبة للتكاثر والانتشار.

56

من جهته، حمل الناشط الجمعوي يوسف تيدراريني المسؤولية المباشرة للمجالس المنتخبة، معتبرا أن تخاذل مصالح النظافة العمومية ساهم في تفاقم الوضع. وبحسبه، فإن غياب تدخلات منتظمة سمح بانتشار هذه الآفات، مما يهدد السلامة الصحية، خصوصا عندما تصل هذه الحشرات إلى المواد الغذائية المعروضة في المحلات والأسواق.

ما تعيشه المدينة اليوم لم يكن ليصل إلى هذا الحد لو تم تبني تدابير استباقية واضحة، تشمل حملات تطهير دورية، إصلاح وتوسيع شبكات الصرف، مراقبة مشاريع البناء، ووضع رؤية بيئية شاملة تأخذ بعين الاعتبار النمو الحضري المتسارع، لكن ما يحدث هو العكس تماما، حيث يبدو أن بعض المسؤولين يفضلون الاستثمار في المشاريع التجميلية، متغافلين عن الأولويات الحقيقية للمواطنين.

ورغم توفر هرهورة على موارد مالية مهمة، فإن سوء التسيير وضعف المراقبة يحولان دون توجيهها نحو الملفات الأكثر إلحاحا. في الوقت الذي يتم الترويج لصورة المدينة الراقية من خلال مشاريع عقارية ومنشآت فخمة، تعيش العديد من الأسر في وضع صحي متدهور لا يليق بالمكانة التي يُراد لهذه المنطقة أن تمثلها.

أمام هذا الواقع، يطالب المواطنون بتدخل فوري يتجاوز الحلول الترقيعية والردود الموسمية، نحو مقاربة شاملة ومستدامة تحترم حقهم في بيئة سليمة وآمنة، فانتشار الحشرات والقوارض والصراصير ليس مجرد مشكل نظافة، بل مؤشر على خلل هيكلي في تدبير المجال العام، والمطلوب اليوم هو إرادة سياسية ومحاسبة حقيقية، قبل أن تتحول المدينة إلى مثال على فشل النموذج الحضري بدل أن تكون عنوانا للجودة والعيش الكريم.

الأخبار ذات الصلة

1 من 747

اترك تعليقا

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *