في مشهد لا يخلو من دلالات سياسية صارخة، اختارت بعض المؤسسات الجهوية المنتخبة، التي ظلت غائبة عن هموم ساكنة اشتوكة آيت باها طوال سنوات، أن تعقد دوراتها في اللحظات الأخيرة من ولايتها القانونية، وكأنها تحاول تجميل حصيلة باهتة أو تبرير فشلٍ بات مكشوفاً للرأي العام المحلي.
هذه المؤسسات، التي يتولى رئاستها منتخبون محسوبون على الإقليم، لم تقدّم أي إضافة حقيقية تذكر للمنطقة، رغم الموارد والصلاحيات والفرص التي أتاحها ورش الجهوية المتقدمة. ومع ذلك، تصر هذه الوجوه على العودة للواجهة من جديد، عبر تحركات مناسباتية توحي بوجود دينامية، بينما الواقع يكشف عن سنوات من الجمود والتجاهل المقصود لمتطلبات الإقليم وساكنته.
الأخطر من ذلك، أن عدداً من هؤلاء المنتخبين ينتمون لحزب سياسي وازن ، ويبدو أنهم شرعوا في وضع ترتيبات مبكرة للاستحقاقات المقبلة، ليس عبر تقديم حصيلة مُقنعة، بل عبر تكرار أساليب “التحايل السياسي” ومحاولات الاستقطاب الزائف، لكسب أصوات الساكنة التي فقدت ثقتها في وعود لم تتحقق.
ففي الوقت الذي كانت فيه اشتوكة آيت باها تُعاني من أزمات خانقة في الماء، والبنية التحتية، والتعليم، والصحة، غابت هذه المؤسسات عن الواجهة، ولم يسمع المواطن صوتها إلا نادراً، لا مرافعة، ولا تدخل، ولا حتى تضامن رمزي. وحين اقتربت نهاية الولاية، ظهرت فجأة لعقد دورات شكلية، وتوزيع الكلام المعسول، وكأن الزمن السياسي للإقليم بدأ الآن.
هذا الواقع يطرح سؤالاً كبيراً حول مدى جدية بعض الممثلين الجهويين في أداء دورهم التمثيلي والإنمائي، ويعيد النقاش حول الحاجة إلى إعادة الاعتبار لمفهوم “الانتداب السياسي” باعتباره مسؤولية ومحاسبة، لا مجرد بطاقة عبور نحو المناصب والامتيازات.
الساكنة بدورها أصبحت أكثر وعياً، ولم تعد تنطلي عليها تحركات اللحظة الأخيرة، ولا مسرحيات الظهور المتأخر. فثقتها تُبنى بالفعل، لا بالكلام، وبالحضور الدائم، لا بالمواسم الانتخابية.
إن ما تحتاجه اشتوكة آيت باها من المؤسسات الجهوية هو الوفاء والفعالية والجرأة في الدفاع عن قضاياها، لا تكرار وجوه فشلت في الوفاء بأبسط التزاماتها، وتحاول اليوم أن تفتح باباً خلفياً للعودة، عبر شعارات فقدت كل بريقها.
الرسالة واضحة: لا تنمية بدون تمثيلية صادقة، ولا جهوية فعالة بدون منتخَبين يعترفون بفشلهم عندما يفشلون، لا مناورين يهربون إلى الأمام في كل موسم انتخابي.