بعد سبع سنوات من قيادة محمد البشير الراشدي للهيئة الوطنية للنزاهة والوقاية من الرشوة ومحاربتها، انتهت ولايته بتعيين الملك محمد السادس لمحمد بنعليلو خلفاً له في 24 مارس 2025.
شهدت فترة رئاسة الراشدي، التي بدأت في عام 2018، العديد من الأحداث التي أثارت جدلاً، كان آخرها في أكتوبر 2024، عندما انتقدت الحكومة الهيئة بسبب تصريحات رئيسها حول ضعف تفاعلها مع توصياتها. وقد أدى ذلك إلى خفض ميزانية الهيئة لعام 2025.
لم تكن مغادرة الراشدي متوقعة فحسب، بل كانت نتيجة طبيعية للتوترات المستمرة مع الحكومة، خاصة في عهد رئيس الحكومة عزيز أخنوش. فقد تميزت فترة رئاسته بمواجهات علنية مع الحكومة، حيث عمل على تحويل الهيئة إلى مؤسسة رقابية فعالة تكشف عن الفساد، مما أدى إلى صدام مباشر مع مصالح السلطة التنفيذية.
بلغت هذه التوترات ذروتها بعد تقرير الهيئة لعام 2023 حول الفساد، والذي أظهر تراجعاً في مؤشر مدركات الفساد في المغرب، مما أثار انتقادات الحكومة التي اعتبرت التقرير “مبالغة سياسية”. وقد تبعه قرار بتقليص ميزانية الهيئة لعام 2025، وهو ما فسره مراقبون على أنه محاولة للحد من تأثيرها.
ومع ذلك، فإن تعيين محمد بنعليلو، القادم من المؤسسة القضائية، على رأس الهيئة جاء ضمن سياق أوسع من التعيينات الملكية والتي شملت أيضاً تعيين عبد القادر عمارة على رأس المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي، وحسن طارق كوسيط للمملكة. هذه التعيينات التي شملت شخصيات من خلفيات سياسية وقضائية متنوعة، اعتبرت إشارة قوية على التزام المؤسسة الملكية باستقلالية مؤسسات الحكامة، وصد أي محاولات للهيمنة الحزبية عليها، كما أشار رئيس الحزب الليبرالي إسحاق شارية.
أثار هذا القرار ارتياح الأوساط الحقوقية والسياسية، حيث يُنظر إلى بنعليلو كشخصية قادرة على مواصلة تعزيز دور الهيئة في مكافحة الفساد، بعيداً عن أي تجاذبات سياسية. ومع ذلك، تبقى التساؤلات قائمة حول قدرته على الحفاظ على استقلالية الهيئة في ظل الضغوط الحكومية المتزايدة.
يُرى أن الراشدي دفع ثمن استقلاليته وجديته في مواجهة الفساد، ومع رحيله، تتجه الأنظار إلى مستقبل الهيئة وما إذا كانت ستواصل نهجها الرقابي الصارم، أم ستواجه تحديات قد تؤثر على دورها في تعزيز النزاهة والشفافية في المغرب.