مع اقتراب انتخابات 2026، التي ستُعرف نتائجها بـ”حكومة المونديال”، تلوح في الأفق بوادر صراع داخلي بين أحزاب الأغلبية الحكومية. فقد جاء تصريح نزار بركة، الأمين العام لحزب الاستقلال، خلال مهرجان خطابي بآسفي، منتقدًا الحكومة التي يشارك حزبه فيها، ليعكس مدى التوتر القائم داخل التحالف الحكومي.
لكن في المقابل، يطرح الصمت المطبق لأحزاب المعارضة تساؤلات جدية حول مستقبلها السياسي، إذ لا يظهر أي برنامج نضالي أو رؤية واضحة للمرحلة المقبلة، مما يثير الشكوك حول مدى قدرتها على استعادة زمام المبادرة خلال الاستحقاقات القادمة.
تاريخ المعارضة في المغرب: من النضال ضد الاستعمار إلى التناوب التوافقي
لعبت المعارضة دورًا محوريًا في المشهد السياسي المغربي منذ فترة الحماية الفرنسية والإسبانية، حيث قادت الحركة الوطنية جهود مقاومة الاستعمار، واستمرت بعد الاستقلال في الضغط من أجل إصلاحات سياسية ودستورية.
شهد المغرب معارضة قوية في عهد الملك الحسن الثاني، خصوصًا مع الكتلة الوطنية (1970) والكتلة الديمقراطية (1992)، التي كانت محركًا أساسيًا لمطالب الإصلاح السياسي والديمقراطي، وهو ما تُوِّج بحكومة التناوب التوافقي عام 1998 بقيادة عبد الرحمن اليوسفي.
تحديات المعارضة في عهد الملك محمد السادس
مع بداية حكم الملك محمد السادس، شهد المشهد السياسي تغيرات جوهرية. تراجعت الإيديولوجيات التقليدية، وأصبحت المنافسة تتمحور حول البرامج التنموية والاقتصادية أكثر من الصراعات الفكرية. كان حزب العدالة والتنمية أبرز المستفيدين من هذه التحولات، حيث استطاع تصدر المشهد السياسي بعد دستور 2011.
لكن انتخابات 2021 قلبت المعادلة، إذ سقط حزب العدالة والتنمية سقوطًا مدويًا، وعادت أحزاب تقليدية إلى الحكم في تحالف وقع على “ميثاق الأغلبية”، الذي يحدد أهدافه وأولوياته.
على الجانب الآخر، غرقت المعارضة في التشرذم والصراعات الداخلية، ولم تنجح حتى الآن في تقديم بديل مقنع للمواطنين.
جمود المعارضة وتساؤلات حول مستقبلها
يبدو أن المعارضة في المغرب تعيش أزمة قيادة وأفق سياسي، حيث لم تبادر إلى أي تحركات ملموسة، واكتفت بعقد مؤتمرات حزبية داخلية لم تفرز تغييرًا حقيقيًا في المشهد. فبينما تستعد الأغلبية لخوض الانتخابات المقبلة، لا تزال المعارضة تحاول إعادة ترتيب أوراقها، دون أن تقدم بديلاً حقيقيًا للناخبين.
عبد الإله بن كيران، الأمين العام لحزب العدالة والتنمية، صرح مؤخرًا بأن حزبه قد يعود بقوة في الانتخابات القادمة، لكن واقع الحال يشير إلى غياب خطاب بديل مقنع قادر على استقطاب الشارع المغربي.
هل نحن أمام مشهد سياسي جديد؟
في ظل هذه التطورات، يثار تساؤل مهم: هل نحن بصدد تحول نحو نظام سياسي ذي أغلبية قوية ومعارضة ضعيفة؟
إذا استمر هذا الوضع، فقد نجد أنفسنا أمام مشهد سياسي أحادي القطب، حيث لا تلعب المعارضة دورًا فاعلًا في الموازنة السياسية، مما قد يضعف الدينامية الديمقراطية في البلاد.
تساؤلات مفتوحة حول مستقبل المعارضة
هل تستطيع المعارضة تجاوز حالة الجمود واستعادة مكانتها؟
هل سينجح المغرب في تحقيق توازن سياسي بين أغلبية فاعلة ومعارضة قوية؟
ما السيناريوهات المحتملة للانتخابات القادمة؟
أسئلة تبقى مفتوحة، في انتظار ما ستكشفه التطورات المقبلة.
A.Boutbaoucht