في الوقت الذي يحتفي فيه العالم باليوم العالمي للمرأة، تبرز نماذج نسائية تجسّد معاني الشرف والكفاح والعطاء بصمت، بعيدًا عن الأضواء. إنهن عاملات النظافة، اللواتي يعملن بجدٍّ وتفانٍ وسط ظروف صعبة وأجور زهيدة، دون كلل أو ملل، من أجل لقمة العيش بكرامة ودون مدّ اليد.
الثامن من مارس ليس مجرد تاريخ على الروزنامة، بل هو مناسبة للتذكير بالدور الطلائعي الذي تلعبه المرأة المغربية في مختلف المجالات، وإبراز مساهمتها الفعالة في بناء المجتمع وصناعة الأجيال. في هذا اليوم، من الواجب علينا أن نحتفي بهن، ونعترف بمجهوداتهن التي تمرّ أحيانًا دون تقدير يُذكر، رغم أنهن يشكّلن عصب الحياة اليومية في الكثير من القطاعات، خصوصًا القطاع غير المهيكل.
نساء شامخات في وجه الحياة
باقليم انزكان أيت ملول، كما في باقي الأقاليم المغربية، لم يمنع المطر الغزير عاملات النظافة من تأدية عملهن يوم السبت، الذي صادف يوم المرأة العالمي. رصدتهن عدسات الصحافة وهن يكنسن الشوارع والأزقة، وسط الأجواء الماطرة، غير آبهات بالظروف المناخية القاسية أو نظرات المارة التي غالبًا ما تمرّ دون اكتراث.
وبعيدا عن الشوارع، تواصل النساء العاملات في النظافة داخل المستشفيات والمصحات الخاصة والمؤسسات العمومية تقديم خدمات جليلة. إنهن أمهات داخل البيوت وعاملات في الخارج، يكابدن مشاق الحياة بشموخ، ويدافعن عن كرامتهن بعرق جبينهن، بعيدًا عن التوسل والاستجداء.
حقوق مغيّبة وإنصاف منتظر
رغم الجهود الجبارة التي تبذلها عاملات النظافة، إلا أن ظروف عملهن تبقى قاسية، حيث يواجهن تحديات يومية تتمثل في تدني الأجور، وانعدام الحماية الاجتماعية، وعدم توفير بيئة عمل لائقة تحترم حقوقهن. لذا، فإن اليوم العالمي للمرأة يجب ألا يكون مجرد مناسبة رمزية للاحتفال، بل فرصة حقيقية لمراجعة أوضاع هؤلاء النسوة، وإعادة النظر في حقوقهن المهضومة، بدءًا من تحسين الأجور، وضمان التغطية الصحية، وصولًا إلى تمتيعهن بكل الحقوق التي يستحققنها.
تحية تقدير لكل امرأة مكافحة
في عالم باتت فيه القيم تتراجع، والمظاهر تغلب الجوهر، يظل كفاح عاملات النظافة درسًا في الصبر والعزة والكرامة. إنهن نموذج للمرأة المغربية التي لا تستسلم، ولا تنحني أمام قسوة الظروف، بل تواجهها بعنفوان وشموخ. واليوم، ونحن نحتفل بالمرأة، لا بد أن نقف احترامًا لهؤلاء السيدات، ونطالب بإنصافهن حتى ينلن المكانة التي تليق بهن في مجتمع يدّعي العدالة والمساواة.
