شهدت مدينة أكادير انعقاد يوم دراسي هام حول موضوع “شكل وصحة العقد التوثيقي بين الممارسة التوثيقية والعمل القضائي”، بتنظيم مشترك بين محكمة الاستئناف بأكادير، الودادية الحسنية للقضاة، والمجالس الجهوية للموثقين بأكادير، بني ملال، خنيفرة، ومراكش. وقد شكل هذا الحدث منصة علمية لمناقشة الجوانب المختلفة لمهنة التوثيق ودورها المحوري في تعزيز الأمن التعاقدي والقانوني.
دور التوثيق في تعزيز الأمن التعاقدي
استحضر السيد هشام الحسني، وكيل الملك لدى المحكمة الابتدائية بإنزكان ورئيس المكتب الجهوي للودادية الحسنية للقضاة، التوجيهات الملكية السامية لصاحب الجلالة الملك محمد السادس، التي تشدد على أهمية العقار كمحفز للاستثمار ومصدر رئيسي لتحقيق التنمية المستدامة. وأكد الحسني أن حماية الملكية العقارية تتطلب بيئة قانونية وقضائية ملائمة، تعمل على تبسيط وتحديث القوانين وتعزيز دور القضاء في حماية حقوق الملاك والمستثمرين.
وأشار الحسني إلى أن التوثيق العصري يشكل إحدى الدعامات الأساسية لضمان استقرار المعاملات وتشجيع الاستثمار، حيث يوفر ضمانات قوية للمتعاقدين ويسهم في تحقيق العدالة الوقائية، مما يسهل على القضاء البت في النزاعات. ولفت إلى أن الموثق مسؤول عن تحري الدقة في إعداد العقود لتجنب النزاعات المستقبلية، ولضمان تحقيق الأمن التعاقدي واستقرار المعاملات.
مكانة العقد التوثيقي في النظام القانوني
من جانبه، شدد السيد عبد الرزاق فتاح، الوكيل العام للملك لدى محكمة الاستئناف بأكادير، على أن اختيار موضوع هذا اليوم الدراسي يعكس راهنيته وأهميته، نظراً لارتباطه المباشر بتحقيق الأمن القانوني والتعاقدي، وتعزيز الثقة في استقرار المعاملات. وأوضح أن العقد التوثيقي يتمتع بقوة إثباتية وتنفيذية كبرى، وهو ما يجعل منه آلية قانونية أساسية لضمان حقوق الأطراف المتعاقدة.
وأكد فتاح أن الموثق مطالب بالتحلي بالنزاهة والشفافية، مع الحرص على تعزيز كفاءته المهنية من خلال التكوين المستمر لمواكبة التطورات القانونية والاقتصادية والتكنولوجية. كما أشار إلى أهمية مواجهة التلاعب بالملكية العقارية، والتصدي لظاهرة الاستيلاء غير المشروع على العقارات، عبر آليات قانونية تحمي حقوق الأفراد والمؤسسات.
الشراكة بين القضاء والتوثيق لتعزيز العدالة
وفي كلمته، أكد الأستاذ سعيد الشايب، الرئيس الأول لمحكمة الاستئناف بأكادير، أن هذه الفعالية تعكس عمق التعاون بين الهيئات التوثيقية والجسم القضائي، مما يعزز الأمن التعاقدي ويضمن استمرارية العمل المشترك. وأشاد بالشراكة بين المجالس الجهوية للموثقين، والتي من شأنها توحيد العمل التوثيقي وتطوير الإجراءات وتبادل التجارب والخبرات.
وأشار الشايب إلى أن القانون 32.09 رسخ مكانة الموثقين في المنظومة القانونية، نظراً لدورهم الأساسي في تأمين المعاملات المدنية والتجارية، مما يضع على عاتقهم مسؤولية كبيرة في حماية الحقوق وتحقيق الاستقرار القانوني.
تحديات مهنة التوثيق وآفاق تطويرها
أجمع المشاركون في هذا اليوم الدراسي على أن مهنة التوثيق تواجه تحديات متزايدة بسبب التطورات الاقتصادية والتكنولوجية، مما يستوجب تحديث المنظومة القانونية والتشريعية لمواكبة هذه التغيرات. كما أكدوا أهمية تعزيز التكوين والتكوين المستمر للموثقين لضمان جودة الأداء وتحقيق الأمن التعاقدي.
وفي الختام، خلصت التوصيات إلى ضرورة العمل على تحديث القوانين المنظمة لمهنة التوثيق، وتعزيز دور الموثق في حماية الحقوق، فضلاً عن تكثيف التعاون بين الفاعلين في المجال القانوني لضمان استقرار المعاملات وتحقيق التنمية المستدامة.
A.Boutbaoucht