عادت العلاقات المغربية الاسبانية إلى طبيعتها خلال 2022، وتحديدا في أبريل الماضي بعد توتر دام شهور، لكن هذه العلاقات وجدت طريقا جديدة، ووضعت خارطةٌ واضحة المعالم خلال 2022.
لم يتأخر الجاران في تنزيل ما خرجت به زيارة سانشيز في 7 أبريل 2022، بدعوة من طرف جلالة الملك محمد السادس، إذ منذ هذا التاريخ نُزّلت خارطة الطريق على أرض الواقع من خلال فرق عمل ثنائية تواترت لقاءاتها بين مدريد والرباط، للاتفاق على كل الجوانب.
الصفحة الجديدة التي فتحها المغرب وإسبانيا في علاقتهما، بدأت برسالة بعث بها سانتشيز إلى صاحب الجلالة في 14 مارس 2022. تلتها محادثة هاتفية بين جلالته ورئيس الحكومة الإسباني في 31 من نفس الشهر. وبدعوة ملكية زار سانتشيز المغرب في السابع من أبريل 2022.
مباحثات هذه الزيارة خرجت بتعهدات نُفذت من الجانبين، إذ استأنفا حركة الأفراد والبضائع، وأعيد الربط البحري، وكما اتُفق عليه مرت عملية “مرحبا 2022” بتنظيم جيد، وعقدت مجموعات العمل الثنائية لقاءات أشرف عليها كبار المسؤولين، حول التعاون الأمني والثقافي والجمركي والتجاري والطاقي والصناعي وتدبير الهجرة والمواصلات والتكوين المهني، وتم تحيين معاهدة حسن الجوار والصداقة والتعاون لسنة 1991، وفي يونيو انعقد منتدى الأعمال المغرب-إسبانيا، بهدف تعزيز العلاقات الاقتصادية، وقبله انعقد الجمع العام للمجلس الاقتصادي المغربي الإسباني (CEMAES) .
ولم يمر وقت طويل حتى ظهرت النتائج، إذ في ماي 2022 اتفق ناصر بوريطة، وزير الشؤون الخارجية والتعاون والإفريقي والمغاربة المقيمين بالخارج، ونظيره الإسباني، خوسي مانويل ألباريس، خلال لقاء بمراكش، على أن الحصيلة إيجابية.
بوريطة قال حينها، إنه وفق تعليمات جلالة الملك اشتغل الطرف المغربي بشكل جدي واجتهاد، لوضع وتنفيذ كل هذه الخطوات، وأن المغرب سيستمر “بنفس منطق التشاور والجدية، لتحقيق رؤية جلالة الملك ورئيس الحكومة الإسباني لنسج علاقة وشراكة في كل المجالات، كجارين وشريكين تربط بينهما علاقة قائمة على التشاور والتنسيق بعيدا عن الأعمال الأحادية ومن كل ما من شأنه أن يخلق التوتر”.
أما نظيره الإسباني، فأكد خلال نفس اللقاء على أن إسبانيا تعتمد على المغرب كشريك موثوق وصادق، لبناء شراكة نموذجية بين بلدين جارين تجمع بينهما مصالح متعددة وتاريخ مشترك. كما لفت إلى أن التجارة والاستثمار في ازدياد مستمر، وفي هذه المرحلة الجديدة ستصبح العلاقات الاقتصادية أكثر ديناميكية.
وقد التقى الوزيران بعدها في مناسبات لا يتركانها تمر دون التأكيد على أن الأمور تسير وفق ما رُسم له. وهو ما لم يختلف معه وزراء ومسؤولون إسبان، في أكثر من خرجة إعلامية، على غرار باحثين ومتتبعين دوليين أشادوا بهذه الشراكة المغربية الإسبانية الجديدة التي انطلقت سنة 2022.
وفي البيان المشترك بين البلدين، اعترفت إسبانيا بأهمية قضية الصحراء بالنسبة للمغرب، وبالجهود الجادة وذات المصداقية للمغرب في إطار الأمم المتحدة لإيجاد حل متوافق بشأنه. واعتبرت أن المبادرة المغربية للحكم الذاتي التي قدمها المغرب سنة 2007 هي الأساس الأكثر جدية وواقعية وذات المصداقية لحل هذا النزاع.
واعتبرت وزارة الخارجية أن دعم مقترح الحكم الذاتي منسجم مع رؤية مجلس الأمن الدولي والقوى الفاعلة على المستوى الدولي وموقف العديد من الدول الأوروبي وأغلب الدول العربية.
وخاطب بوريطة ألباريس في أول لقاء بينهما في ماي قائلا “نثمن هذا القرار، ليس لأنه مختلف أو معزول، بل لأنه يؤيد حركية أصبحت واقعا على المستوى الدولي”.
أما سانشيز فخرج، في أكثر من مناسبة إعلامية، وخلال حلوله بالبرلمان الإسباني، ليجدد التأكيد على أن إسبانيا اتخذت هذا القرار بإرادة كاملة لاتخاذ خطوة إلى الأمام نحو تسوية هذا النزاع، وأن القرار خطوة أخرى على الطريق الذي بدأ قبل 14 سنة عندما رحبت الحكومة الإسبانية بالحكم الذاتي.
ثم عاد، في يونيو المنصرم، ليؤكد لبرلمانيي بلاده أن موقف إسبانيا يتوافق مع موقف شركائها الأوروبيين والعديد من البلدان الأخرى، لافتا إلى فرنسا وألمانيا والولايات المتحدة وهولندا والمفوضية الأوروبية ومنسق السياسة الخارجية بالاتحاد الأوروبي.