رأس السنة الأمازيغية بين المغرب والجزائر: لماذا كل هذا التأخير؟

الرأي24/عبدالله بوشطارت.

سارع النظام الجزائري إلى ترسيم رأس السنة الأمازيغية وجعله يوما وطنيا لكل الجزائريين، ويوم عطلة مؤدى عنه، منذ يناير 2018. وفي كل سنة تعمل المؤسسات الجزائرية بصفة رسمية بوضع أجندة تنظيمية حافلة بالانشطة الثقافية المتنوعة في كل مناطق الجزائر، وتظم سهرات ولقاءات عديدية باسم مؤسسات رسمية، اما تابعة لوزارة الثقافة أو البلديات او مختلف الإدارات.

في المغرب لا تزال الحكومة، تتلكأ في جعل رأس السنة الأمازيغية عيدا وطنيا لكل المغاربة وجعله يوم عطلة مؤدى عنه، بالرغم من الأنشطة الكثيرة التي تخلدها الجمعيات الثقافية والمهنية في مختلف مدن المملكة، وإن سمحت الإدارة والسلطة بتخليدها في أماكن عمومية والساحات وسط المدن، وتنقل القناة الرسمية بعض سهرات رأس السنة، إلا أن ذلك لا يكفي، ويظل رهين ببعض المبادرات التي يقوم بها المجتمع المدني المهتم بالامازيغية، وتبقى الدولة والحكومة في موقف الحياد والصمت تجاه هذا الحدث التاريخي والحضاري العريق، والذي يحتفل به كافة أطياف المجمع المغربي من ناطقين بالامازيغية وغير الناطقين. ويقدم هذا التخليد صورة واقعية وطبيعية وحقيقية للمجتمع المغربي الذي يتميز بالتنوع والتعدد في إطار التناغم، وهو ما تسميه الأدبيات الامازيغية السياسية المعاصرة، بالوحدة في التنوع، فهذا ما يجسده “إيناير” في المغرب، فالجميع يحتفل به بطرقه الخاصة وبعادات وتقاليد متنوعة وبتسميات مختلفة إلا أنه يبقى الحدث واحد هو “إيض إيناير” أو ليلة إيناير.
في الحقيقة نجهل الأسباب الذي جعل المغرب يتأخر عن الجزائر في ترسيم رأس السنة الأمازيغية، منذ سنة 2018 إلى الآن. بالرغم من أن المغرب دخل في مسلسل المصالحة السياسية والمؤسساتية مع الأمازيغية منذ سنة 1990، وبصفة أساسية ورسمية منذ الخطاب الملكي بأجدير سنة 2001.
هل توجد أسباب إيديولوجية تمنع المغرب من ذلك؟ لا نعتقد ذلك، بفعل ترسيم اللغة الامازيغية كلغة رسمية في الدستور منذ سنة 2011. وإن تم استصدار القوانين التنظيمية لهذا الترسيم بصعوبة وبمناورة، فإن الأمر يبدو لي محسوم سياسيا ودستوريا بالاستفتاء الشعبي على الدستور.
في الحقيقية، نحن كأمازيغ المغرب نحس بحرج كبير إزاء هذا التأخر من طرف الحكومة المغربية وعدم ترسيمها لهذا اليوم التاريخي الذي يعبر عن الهوية الجماعية للمغاربة وعن وحدة التاريخ المشترك والثقافة المتنوعة والحضارة العريقة، نحس بالحرج والخجل حين نحتفل رسميا بأعياد رأس السنة لم تنبتها ارضنا وأوطاننا في شمال افريقيا.

وشاءت صدف التاريخ وإن لم نقل “مكر التاريخ” أن تتخذ الدولة المغربية من يوم 11 يناير يوما وطنيا وعيدا رسميا ويوم عطلة، بمجرد أن مجموعة من الشباب كتبوا عريضة يطلبون فيها من إدارة الاستعمار منحها الاستقلال سنة 1944، وكان نص العريضة لا تتجاوز أسطره نصف صفحة ورقية. وهؤلاء الذين كانوا يطلبون الاستقلال بالعريضة كانوا ينتمون إلى حزب سياسي تأسس بفضل تلك العريضة وحمل اسم الاستقلال. لكن الإشكال السياسي الذي يطرحه اختيار هذا اليوم وان كان أحد زعمائه الذي أصبح وزيرا بعد الاستقلال هو من اختار هذا اليوم وفرضه على جميع المغاربة بالرغم من انه يعني فقط حزب سياسي، كما أن المغرب كانت فيه أحزاب سياسية أخرى إبان ذلك العهد. قلت الإشكال السياسي المطروح حاليا، هو أن تلكم العريضة كانت تخص فقط المناطق التي كانت تحت الحكم الاستعمار /الحماية الفرسية، لأن الموقعين عليها بعثوها للحكومة الفرنسية، ولم تكن تشمل مناطق وجهات كثيرة من المغرب كانت تابعة للاستعمال الاسباني، وهي مناطق الشمال والريف وبعض الجزر المتوسطية ثم منطقة سيديافني وآيت باعمران، ثم الساقية الحمراء ووادي الذهب، اضافة إلى مدينة طنجة التي كانت تحت نظام خاص يسمى النظام الدولي. إذن لماذا تحول يوم عريضة تطالب فرنسا بمنح الاستقلال يعني في المناطق التي توجد بها إدارتها الاستعمارية، إلى يوم وطني يخص جميع المغاربة في جميع المناطق ولو أن تلك العريضة لم تعنيها في شيئ. كما أنها عريضة كانت بمثابة وثيقة تأسيس حزب سياسي لأنه تأسس في نفس اليوم، وليس يوم تأسيس الدولة او استقلالها، فهذا يعني أن المغاربة يحتفلون كل يوم 11 يناير من كل سنة بعيد ميلاد حزب الاستقلال سنة 1944. في حين أن الدولة ترفض ترسيم رأس السنة الأمازيغية الذي يذكرنا بآلاف السنوات، منذ تواجد الإنسان الامازيغي فوق هذه الرقعة الجغرافية، ومنذ أن اكتشف الامازيغ الزراعة وادركوا الدورة الزمنية.

خلاصة القول، يجب على الحكومة المغربية أن تتدارك الأخطاء السياسية القاتلة التي ارتكبت في حق الحضارة الأمازيغية والامازيغ وان تسارع إلى ترسيم رأس السنة الأمازيغية وجعله يوم عطلة، ابتداء من هذه السنة، حتى لا تتراكم الأخطاء وتعمق من الجراح….
9 يناير 2022.

 

الأخبار ذات الصلة

1 من 1٬206