الرأي24/ع ب
تعرضت فتاة مساء الأربعاء الماضي لسرقة هاتفها النقال بحي مولاي عمر بايت ملول ،وكانت الفتاة تقف أمام منزلها،اد باغتها شاب وسرق هاتفها تم فر بسرعة رفقة مرافقه على متن دراجة نارية في دروب وأزقة مدينة ايت ملول.
وقال والد الفتاة في تصريح للجريدة أنه وفور تعرض ابنته للسرقة توجه الى مفوضية الشرطة بايت ملول من أجل تقديم شكاية في الموضوع.
وأكد أنه تم استقباله في أجواء جيدة وعرض شكايته كما رافق عناصر الأمن الى مكان تعرض ابنته للسرقة بعد أن أدلت بأوصاف السارق ونوع اللباس الذي يرتديه وكدا نوع الدراجة النارية.
وأشاد والد الفتاة بتعاون ومهنية عناصر الأمن بايت ملول للسرعة في التعامل مع شكايته واستغرب رفض أصحاب العديد من المحلات التجارية المجهزة بكاميرات المراقبة التعاون لإلقاء القبض على الجناة مع العلم أن زوج مستخدمة بإحدى الصيديات بنفس الحي تعرض لعملية سرقة هاتفه النقال بنفس المكان لكنه فضل عدم التبليغ بالرغم من أن الواجب الوطني و الأخلاقي يقتضي أن يبادر جميع المواطنين الى إبلاغ مصالح الشرطة بجميع الجرائم التي يذهبون ضحيتها مهما كانت الأضرار الناجمة عنها كبيرة أو صغيرة.
ولكن لمادا لا يبادر جل المغاربة بالإبلاغ عن الجرائم:
– يعتقد البعض أن ما دام المجرم غير معروف لديهم،وما داموا لا يتوفرون على أي دليل يجعلهم يشتبهون في شخص معين فلا داعي ادن لإبلاغ الشرطة مكتفيا بالصبر على القدر.
-وفي جرائم السرقة مثلا يرى البعض أن الشيء المسروق ادا كان من المتشابه أو المماثل فانه يستحيل التعرف عليه،وتمييزه عن غيره في حالة العثور عليه اد لا فائدة ادن من وضع الشكايات لدى الشرطة.
– والبعض الآخر يرى انه مادام الشيء المسروق غير ذي قيمة كبيرة،فمن الأحسن أن لا يتكبد مشقة إخبار مصالح الشرطة بدلك.
– وهناك أسباب أخرى مرتبطة ببنية المجتمع والتفافة السائدة فيه وفي مجملها ما يلي:نوع العادات و الأعراف،والعقليات الجامدة لبعض الأشخاص ،وعدم الإحساس بالأمان و الحماية للبعض الآخر و الخوف من الانتقام من الطرف المبلغ عنه،و الخوف من الشرطة ومن استنطاقها و البحت التمهيدي الذي تجريه…الخ.
وفي الواقع فان مثل هده الاعتقادات تشكل خطأ كبيرا،دلك أن قيام المواطنين بالتبليغ عن الجرائم التي يذهبون ضحيتها له فوائد كثيرة بجدر بنا التطرق اليها كما يلي:
فوائد التبليغ عن الجرائم:
من بين الفوائد التي يمكن أن يجنيها المتضرر من التبليغ عن الجريمة انه يمكنه أن يسترجع ما أخد منه بفضل أبحاث وتحريات الشرطة القضائية،وإبلاغ المتضررين عن الجرائم فإنهم بدلك قد يساهمون في الحد منها وبالتالي حماية أنفسهم وحماية المجتمع أيضا
في حالة كان المجرم مجهولا وليست هناك أي معلومات يمكن أن توجه البحت فينبغي أن لا يفقد الأمل في استرجاع ما سرق،بل يجب إبلاغ مصالح الشرطة ووضع شكاية ضد مجهول،فقد يقبض على السارق عند ارتكابه لجريمة أخرى،ويؤدي استنطاقه الى الاعتراف بالجريمة الأولى أيضا،ومثل هدا الأمر يحصل كثيرا أن يلقى القبض على اللصوص فيعترفون بسرقات متعددة لكن الشرطة لا تتمكن من إرجاع المسروقات المعتور عليها في هده الحالة إلى أصحابهاـ لأنهم لم يتقدموا بشكايات ولم يسجلوا عناوينهم،ولان السارق هو أيضا لا يعرف غالبا هوية ضحاياه بل خاصة ادا ارتكب فعلته في أماكن عمومية .
فوائد التبليغ عن الجرائم بالنسبة للمسؤولين:
ويتجلى هدا الأمر جليا في مسألة تتبع حركة الإجرام،ومعرفة النقط السوداء من حيت الإجرام وبالتالي التخطيط لتدبير الأمن الواجب اتخاذها لمواجهة هده الظاهرة الإجرامية الخطيرة.
ومن المعلوم أن إخبار الشرطة بالجرائم المرتكبة حتى ادا لم يؤد الى القبض على المجرمين أو استرجاع الحقوق،فانه يساعد مصالح الأمن على وضع الإحصائيات الدقيقة عن عدد وأنواع الجرائم المرتكبة وعن أماكن ارتكابها،فيمكنها دلك من التخطيط لمواجهة حركة الإجرام بالبلاد وتتبع حركة المجرمين من خلال أسلوب ارتكابهم الجريمة،وبدلك يتضح لمصالح الأمن الوطني الإجراءات اللازمة عن بينة واطلاع وتتخذ تدابير الأمن الخاصة بمكافحة الجريمة حسب أنواعها وأماكن ارتكابها.
ومما لا شك فيه أن هده الإحصائيات سواء كانت محلية أو وطنية،فانه يتم الاستعانة بها من طرف النيابة العامة لوضع السياسة الجنائية للبلاد،ويتم الاستعانة بها أيضا من طرف المشرع لإعادة النظر في دراسة القوانين وتعديل القانون الجنائي،ويتم أحيانا صدور تعديل في فصل من فصول القانون الجنائي من أجل التشديد ورفع العقوبة في جريمة قد أصبحت خطرا على المجتمع وتهدد الأمن و السلم الاجتماعي.
عقوبة عدم التبليغ عن الجرائم:
إن عدم تبليغ السلطات المختصة عن الجرائم وفق ما ينص عليه القانون، يسيء الى الجهود المبذولة من طرف هده السلطات من أجل مكافحة الجريمة وفرض سيادة القانون وتطبيق القانون على المخالفين له بما يحقق الردع المطلوب،وهدا ما تم التنصيص عليه صراحة داخل أحكام القانون الجنائي أو في نصوص قانونية أخرى.
ففي القانون الجنائي المغربي ينص الفصل 299 على أنه: يعاقب بالحبس من شهر الى سنتين وغرامة من ماتين إلى ألف درهم،أو بإحدى هاتين العقوبتين وحدها،من علم بوقوع جناية أو شروع فيها ولم يشعر السلطات فورا.
تضاعف العقوبة ادا كان ضحية الجناية أو ضحية محاولة ارتكاب الجناية طفلا تقل سنه عن 18 سنة.
وفي الفصل 209 ينص على أنه،يؤاخذ بجريمة عدم التبليغ عن المس بسلامة الدولة،ويعاقب بالحبس من سنتين الى خمس سنوات وغرامة من ألف الى عشرة آلاف درهم،كل شخص كان على علم بخطط أو أفعال تهدف الى ارتكاب أعمال يعاقب عليها بعقوبة جنائية بمقتضى نصوص هدا الباب،ورغم دلك لم يبلغ فورا عنها السلطات القضائية أو الإدارية أو العسكرية بمجرد علمه بها.
الخاتمة:
من هنا يتبين بكل وضوح أن إبلاغ السلطات المختصة بالجرائم يفيد في جميع الأحوال،ولهدا يجب على جميع المواطنين أن يقوموا بالتبليغ عن الجرائم كيفما كان الضرر اللاحق كبيرا أو صغيرا أو مهما كان الأمل ضعيفا في إعادة الحال إلى ما كانت عليه.
وعليه فان التبليغ عن الجرائم يعتبر واجبا أخلاقيا وواجبا دينيا ووطنيا يقع على عاتق كل مواطن،وهو مبدأ ينطلق من التضامن والتكافل الاجتماعي،ويجب أن يقوم به كل مواطن بصفته عونا للعدالة وحماية للمجتمع الذي يعيش فيه.