الرأي24
إن واقع حراس الأمن بالمغرب أو ما يسمى ب “السيكيريتي” يقدم أبشع صور الحيف و الاستغلال و الهشاشة لحراس الأمن الخاص، هذه الفئة التي يقدر عددها بأكثر من 170 ألف مستخدم أغلبهم يمارسون عملهم في ظروف و وفق شروط تنعدم فيها أبسط حقوقهم التي تكفلها مدونة الشغل للعمال، يشتغلون إثني عشرة ساعة في اليوم، بمعدل يزيد عن اثنين وسبعين ساعة في الأسبوع، بينما حددت مدونة الشغل عدد ساعات العمل القانونية- باستثناء القطاع الفلاحي- في 44 ساعة في الأسبوع، وفي حال توزيع مدّة العمل حسب حاجيات المقاولة فلا يجب أن يتجاوز عدد ساعات العمل في اليوم 10 ساعات .
هي تجاوزات في قطاع الأمن الخاص يحكيها لنا أحد الحراس بإحدى المؤسسات البنكية بآكادير (ه . ز ) حيث يقول ” أن شركات الحراسة الخاصة تلجأ إلى العمل المؤقت لأنه لا يشركها في قيود الميزانية المرتبطة بالتصريح بحراس الأمن الخاص بالصندوق الضمان الاجتماعي CNSS و التأمين الصحي وباقي الحقوق و بالرغم من القانون المنصوص عليه قانون الشغل بالمغرب.
ويضيف قائلا ” نجد عددا كبيرا من هؤلاء الحراس عمالا مؤقتين موسميين في أغلب الإدارات سواء كانت عمومية أو خصوصية والوكالات البنكية و المستشفيات وفي حالة تعرض أي حارس من هؤلاء لأي مكروه او حادثة، فشركة الأمن الخاص التي يعمل بها تتملص من المسؤولية ما يزيد من هشاشة و ضعف هذه الفئة التي لا تتعدى الأجور التي تتقاضاها في أحسن الأحوال ألفين أو ألفين و200 درهم، أي أقل من الحد الأدنى للأجور…هي مهنة او وظيفة سميها ما شئت غير مقننة ولا تخضع للمراقبة، و قد بدى ذلك جليا خلال الجائحة إذ أصبحت حالة حراس الأمن الخاص بالمستشفيات العمومية حرجة و هشة للغاية بسبب عدم قدرتهم على تحمل مصاريف العلاجات باعتبار أن التغطية الصحية لا يستفيد منها إلا من له أقدمية في العمل… ”
وتابع حديثه بنبرة صوت خافتة و حزينة ” في مثل هذا الوضع يلجأ الحراس إلى الممارسات المحظورة بموجب القانون، خاصة في بعض الإدارات العامة و غيرها…مما يؤثر سلبا على مردودية هذه المهنة و يعرقل السير العادي و الآمن للمؤسسات . و فسر ذات المتحدث (ه.ز) بقوله ” أن أغلبية الحراس يشتكون من تصرفات المشغل حيث يفرض عليهم أعمال أخرى لا تدخل ضمن اختصاصاتهم، كغسل سيارات المسؤولين بالمؤسسة التي يعملون بها أو تسليم الشواهد الإدارية للمواطنين، أو يساعدون المحاسب في حمل النقود أو بفتح حساب بنكي للزبناء …وفي بعض الأحيان يتركون مهامهم لأجل نسخ بعض الوثائق إلى غيرها من أعمال قد تعرضهم لعقوبات تأديبية أو جنائية .
ثم واصل قوله ” هم يعانون عنفا رمزيا من طرف المشغل و من طرف صاحب الخدمة المتعاقد مع الشركة ، إضافة إلى سوء المعاملة ، حيث نجد استياء بعض الزبناء من جودة خدمات تجعلهم غاضبين ولا يمكن السيطرة عليهم، في غياب الموظفين والأمن العمومي ، فتصبح مهمة حراس الأمن الخاص صعبة للغاية، من ناحية لا يتم تدريبهم على إتقان هذا النوع من المواقف. ومن ناحية أخرى لا يسمح القانون لهم بالتدخل في حالات العنف الناتجة عن التواصل المباشر مع المواطنين الغير راضين عن جودة الخدمة العامة. وهناك حالات كثيرة من ردود الأفعال العدوانية من قبل المواطنين أدت إلى عدة إصابات خطيرة في صفوف حراس الأمن الخاص داخل المستشفيات العمومية أو المدارس أو الإدارات العمومية أو الوكالات البنكية… واغلبهم لا يتوفرون على التأمين ضد هذه المخاطر، حيث معظم ضحايا هذه المخاطر غير مشمولين بالتأمين لتعويضهم في حالة العجز البدني أو الوفاة .
هي رسالة يحاول المتحدث إيصالها لأجل إعادة النظر في حقيقة نشاط الأمن الخاص بجميع القطاعات، و التفكير في هيكلة جديدة لهذا القطاع ببلادنا على جميع المستويات بدء من المؤسسة التعليمية و البنوك إلى الإدارات و غيرها. و كذلك التنصيص في قانون الصفقات العمومية المتعلقة بشركات الحراسة الخاصة على أن تكون العروض المقدمة في إطار طلبات العروض فوق الحد الأدنى للأجر. و أيضا رد الاعتبار لأصحاب هذه المهنة التي عانت و لا زالت تعاني.
هشام الزيات