أفادت مصادر مطلعة لـلرأي الاخر بأن عناصر الفرقة الوطنية للدرك الملكي قد سرَّعت أبحاثها وتحقيقاتها مع رؤساء جماعات ومنتخبين طالتهم قرارات العزل الصادرة عن القضاء الإداري منذ نهاية العام الماضي وخلال العام الجاري. وتأتي هذه التحقيقات بناءً على تقارير مفصلة أعدتها اللجان التابعة للمفتشية العامة للإدارة الترابية .
وبعد الاستماع إلى عشرات المنتخبين السابقين في جماعات بجهتي الدار البيضاء-سطات والرباط-سلا-القنيطرة، انتقلت عناصر الدرك إلى سراياها بأقاليم برشيد وبوسكورة وسيدي قاسم وسيدي سليمان. وكان الهدف من هذه الانتقالات هو طلب وثائق ومستندات إضافية والتدقيق في إفادات الموظفين والمسؤولين داخل المصالح الجماعية المعنية.
تجاوزات في التعمير والمالية العمومية
أكدت المصادر ذاتها أن قضاة التحقيق كلفوا عناصر الدرك بتعميق البحث في الملفات المحالة على غرف “جرائم الأموال” بالمحاكم الاستئنافية. وتتعلق هذه التجاوزات بالتدبير المالي والإداري لرؤساء المجالس ونوابهم ومستشارين جماعيين خلال الفترات الانتدابية الحالية والسابقة.
وتتركز الأبحاث الجارية حول:
التلاعب في رخص البناء وشهادات مطابقة السكن ومحاضر مخالفات التعمير.
تسهيل عمليات التهرب الضريبي وحصول ملزمين على إعفاءات جبائية مشبوهة، خاصة بخصوص الرسم على الأراضي الحضرية غير المبنية.
خروقات في تدبير الصفقات العمومية وسندات الطلب، والتورط في عمليات “ابتزاز” مقاولين.
تحقيق معمَّق في صفقات صورية
وكشفت المصادر نفسها أن أبحاث الدرك الملكي ركزت بشكل خاص على صفقات أشغال وصيانة “صورية”. وقد ورطت هذه الصفقات منتخبين وموظفين جماعيين (تقنيين ورؤساء أقسام ومديري مصالح)، يجري التحقيق معهم واستفسارهم بشأن محاضر التسلم المؤقت والنهائي للأشغال والتأشيرات الممنوحة من طرف الآمرين بالصرف للإفراج عن أموال لفائدة المقاولات عبر الخزنة الإقليميين.
وشددت المصادر على أن هذه الأبحاث الجارية، التي تشمل جماعات قروية وحضرية، يُتوقع أن تسقط مقاولين ومُلزَمين تواطؤوا مع رؤساء جماعات لرفع دعاوى قضائية وتحصيل تعويضات ضخمة مقابل عمولات مالية مهمة.
مثال من إقليم برشيد
وفي إطار متصل، حلت مؤخراً عناصر من الفرقة الوطنية للدرك الملكي بإقليم برشيد، لإجراء تحقيقات مرتبطة بـجماعة أولاد زيدان بدائرة الكارة. وكان القضاء الإداري قد قضى سابقًا بعزل الرئيس السابق وأحد نوابه ومستشار بالجماعة بناءً على اختلالات موثقة. واستمعت عناصر الدرك إلى عدد من التقنيين بالجماعة ذاتها، للتحقق من تورط المنتخبين المعزولين في خروقات تتعلق برخص البناء والسكن والتلاعب بمحاضر المخالفات، بتوقيع مشترك بين الرئيس ونائبه.
ملفات التفتيش تحاصر المنتخبين
حاصرت تقارير لجان التفتيش رؤساء جماعات معزولين ينتمون إلى أحزاب سياسية من الأغلبية والمعارضة، باستفسارات همت تعليل عدم فرض الرسم على الأراضي الحضرية غير المبنية بشكل تلقائي على المُجزِّئين والمُنْعِشين العقاريين، رغم انقضاء الأجل القانوني. كما طالبتهم بتبرير عدم احتساب تكلفة شبكات الاتصالات ضمن التكلفة الإجمالية التقديرية لأشغال التجهيز. وقد خلص المفتشون إلى وجود شبهات محاباة انتخابية وتبادل مصالح بين الرؤساء والمُجَزِّئين.
ولم تقتصر متابعة رؤساء الجماعات والنواب والمستشارين عند العزل عبر المحاكم الإدارية، بل جرى استغلال تقارير لجان المفتشية العامة للداخلية لمتابعة منتخبين متورطين بتهم التزوير، واستعماله، وتبديد، واختلاس أموال عمومية لدى غرف “جرائم الأموال”. وقد كشفت تسريبات من تقارير التفتيش عن تلاعبات أخرى في رخص التعمير، عبر توقيع “رخص إصلاح” عن عمليات بناء كاملة، مما فوَّت على خزائن الجماعات تحصيل قيمة رسوم البناء، التي تمثل أحد أهم الموارد الجبائية المحلية.











