أثار مقال صحفي نُشر يوم الثلاثاء 15 يوليوز 2025 بإحدى المنابر الجهوية، تحت عنوان: “ترخيص غامض لمحطة وقود فوق قنوات مائية بآيت ملول”، جدلًا واسعًا في أوساط الرأي العام المحلي، خصوصًا بعد صدور بيان توضيحي قوي من شركة سينبروس SENEPROS، صاحبة المشروع موضوع الجدل، يوم الأربعاء 16 يوليوز 2025، تفنّد فيه جملةً وتفصيلًا ما اعتبرته “مغالطات ومعلومات زائفة لا تستند إلى أي أساس مهني أو تقني”.
أخطاء جوهرية في المقال الأصلي
من أولى المغالطات التي رصدها بيان الشركة، وقوع خطأ جغرافي فادح، تمثل في ربط المشروع بجماعة آيت ملول، بينما الحقيقة المؤكدة بالوثائق هي أن المشروع مقام فوق وعاء عقاري قانوني ومحفظ داخل تراب جماعة القليعة.
وأبرز البيان أن جميع التراخيص، بما فيها رخصة البناء، تشير بوضوح إلى جماعة القليعة، معتبرًا أن الإصرار على ذكر آيت ملول “تحريف متعمد لتوجيه الرأي العام بشكل مغلوط”، وهو ما يطرح علامات استفهام كبرى حول دوافع هذا الخطأ المهني.
المشروع لا يُقام فوق القناة… بل بجوارها
البيان لم يتوقف عند التصحيح الجغرافي، بل قدّم معطيات تقنية دقيقة بخصوص القناة المائية المشار إليها في المقال، وهي أنبوب (DN1600) تابع للمكتب الوطني للماء والكهرباء.
وأوضح أن القناة تمر بمحاذاة المشروع وليس تحته، كما ادّعى المقال، مشيرًا إلى أن دراسة تقنية تم إنجازها بتنسيق رسمي مع المكتب، أخذت بعين الاعتبار شروط السلامة والموقع والمسافة القانونية، وبالتالي فلا وجود لأي تهديد أو خرق للبنية التحتية المائية.
كل التراخيص والإجراءات تمت وفق القانون
وثائق رسمية، محاضر اجتماعات، ودراسات مصادق عليها… كلها حجج عرضتها الشركة للرد على ما ورد في المقال، حيث شددت على أن المشروع احترم كل المساطر القانونية، وأن المكتب الوطني للماء صادق على الدراسة التقنية خلال اجتماع رسمي عقد يوم 30 غشت 2024، بمشاركة جميع المصالح المختصة.
كما تم توثيق انطلاق أشغال حماية القناة في محضر مؤرخ بـ16 أكتوبر 2024، ومحضر نهاية الأشغال في 14 نونبر من نفس السنة، وهي معطيات تشكل، بحسب الشركة، دليلاً قاطعًا على قانونية المشروع وسلامة إجراءاته.
خرق القوانين؟ اتهامات بلا أساس
في الوقت الذي حاول فيه كاتب المقال الاستناد إلى القانون 36.15 المتعلق بالماء، والقانون 66.12 الخاص بزجر مخالفات التعمير، جاء رد الشركة صارمًا، معتبرة أن لا وجود لأي خرق لهذين القانونين، وواصفة ما ورد بأنه “محاولة لإضفاء طابع قانوني على مغالطات”.
هل هناك أجندة سياسية خلف المقال؟
لكن اللافت في هذا الجدل، والذي لم تُخفِه بعض القراءات المحلية، هو التوقيت والطريقة التي كُتب بها المقال، إذ أُرفق بعناوين مثيرة واتهامات غير مدعومة بأي وثائق، مما يفتح الباب أمام فرضية أن يكون المقال “مدفوع الأجر”، أو جزءًا من تصفية حسابات سياسية أو استثمارية، خصوصًا في ظل احتدام المنافسة على مشاريع اقتصادية كبرى بالمنطقة.
وقد لاحظ متتبعون للشأن الإعلامي والاقتصادي أن المقال تضمّن لغة اتهامية حادة دون الاستناد إلى تقارير رسمية أو رأي جهة ثانية، ما يضرب في العمق مبدأ التوازن والحياد الصحفي، ويطرح تساؤلات مشروعة حول الخلفيات الحقيقية لنشره، وهل يتعلق الأمر بمناورة إعلامية مقصودة لتشويه مشروع استثماري قانوني؟
بين حرية الصحافة والمسؤولية المهنية
في ضوء هذه المعطيات، يتجدد النقاش حول أخلاقيات المهنة الصحفية في معالجة القضايا الاستثمارية، خصوصًا في مناطق تعرف تحولات اقتصادية وتجاذبات محلية.
فرغم أن الحق في النشر مكفول، فإن الواجب المهني يحتم التحري والتدقيق، والحرص على الدقة والتوازن، حماية للرأي العام من التضليل، وللمستثمرين من الابتزاز أو الاستهداف الإعلامي المبني على خلفيات غير مهنية.