الصبتي يحمل مشروع إصلاحي جديد… فهل يتحرر الإقليم من قبضة “المنتخبين النافذين”؟

منذ تعيينه على رأس عمالة إقليم اشتوكة آيت باها، أبان العامل الجديد، السيد محمد سالم الصبتي، عن إرادة واضحة لإحداث تغيير جذري في منهجية تدبير الشأن الترابي، قوامها القرب، الإنصات المباشر، وربط المسؤولية بالمحاسبة. إقليم اشتوكة، المعروف بتعقيداته التنموية وتراكم الإشكالات المرتبطة بالعقار والتعمير وضعف الحكامة في بعض الجماعات، وجد في هذا المسؤول الجديد بارقة أمل، لكن التغيير المنشود لن يتحقق دون انخراط جماعي حقيقي من مختلف الفاعلين.

في هذا السياق، أثار لقاء عامل الإقليم بأحد الفاعلين الجمعويين بجماعة سيدي بيبي انتباه المتابعين، بعدما تسلم العامل ظرفاً يحتوي على وثائق وشكايات وتقارير، وأعطى تعليماته الصريحة لمرافقيه بعدم فتحه إلى حين الاطلاع عليه شخصياً، ما يعكس حرصه على التواصل المباشر وتجاوز الوساطات التي كثيراً ما كانت تعيق حل المشاكل وتزيد من تعقيداتها.

هذا السلوك الإداري، وإن بدا بسيطاً، فإنه يحمل رسائل عميقة حول فلسفة العامل الجديدة، والتي تضع المواطن في صلب الاهتمام وتعيد بناء جسور الثقة بين السلطة والساكنة. غير أن هذه الدينامية الوليدة قد تصطدم بعوائق بنيوية، يأتي في مقدمتها غياب التجاوب الفعلي من بعض المنتخبين وانعدام الجرأة الإصلاحية داخل مجالس تعاني من ترسبات الزبونية وتضارب المصالح.

الأخطر من ذلك، أن بعض المسؤولين الإداريين لا يزالون، بحسب متابعين، يتحركون بمنطق “الولاء السياسي” لمنتخبين يتحكمون في مفاتيح الخريطة الانتخابية بالإقليم، وهو ما يشكل تهديداً مباشراً لأي مسار إصلاحي حقيقي. فحين يتحول بعض ممثلي الإدارة إلى أدوات في يد فاعلين انتخابيين، فإن روح الحياد المفترض أن تطبع عملهم تُفرّغ من مضمونها، ويتحول الحياد المطلوب إلى تواطؤ صامت يعمق اختلالات التسيير.

إن التغيير الذي يسعى العامل الصبتي إلى تكريسه يحتاج إلى أكثر من حسن النية، فهو يتطلب تضافر جهود كافة المكونات: سلطات محلية، مصالح خارجية، منتخبين، مجتمع مدني، وإعلام نزيه. كما يقتضي القطع مع ممارسات “التحكم من وراء الستار” التي راكمت الفشل وأهدرت فرص التنمية، وجعلت العديد من الجماعات الترابية رهينة قرارات فوقية ومصالح شخصية ضيقة.

إقليم اشتوكة آيت باها، وهو على مشارف دخول مرحلة جديدة من تدبير الشأن العام، يملك كل المقومات للنجاح: طاقات بشرية، موقع استراتيجي، وإرادة سلطوية جديدة. فهل ترتقي باقي الأطراف إلى مستوى هذا التحدي؟ أم أن العراقيل القديمة ستعيد إنتاج نفسها تحت أقنعة جديدة؟ الجواب، كما العادة، ستكشفه مخرجات المرحلة المقبلة ومواقف من يراهنون على الاستمرارية بدل التغيير.

 

 

 

 

 

الأخبار ذات الصلة

1 من 1٬008

اترك تعليقا

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *