الداخلية تتفوق على الأحزاب في إعداد قادة الشأن المحلي: اشتوكة نموذجًا للتغيير

لطالما كان تدبير الشأن المحلي بالمغرب محط نقاش وجدل، ففي الوقت الذي يسجل فيه تراجع مزمن في مستوى أداء المنتخبين، تبرز وزارة الداخلية كقاطرة حقيقية في إعداد جيل جديد من الكفاءات البشرية القادرة على مواكبة تحديات التنمية المحلية. هذا التفوق اللافت ليس مجرد صدفة، بل هو ثمرة منظومة متكاملة من التكوين والتأهيل، تتجلى بوضوح في النموذج الذي يقدمه إقليم اشتوكة آيت باها.

لقد دفعت أوجه القصور المتزايدة في عمل المجالس المنتخبة بالإدارة الترابية إلى سد فراغات بالجملة، وهو ما ألقى على عاتق الباشوات والقياد مسؤولية مضاعفة في ضبط إيقاع المكاتب وتوجيهها نحو المسار الصحيح، أو التدخل لإعادة الأمور إلى نصابها كلما طرأ خلل في التسيير أو تفشى الفساد. هذه الأدوار المتعاظمة لرجال السلطة لم تكن لتتحقق لولا الاستثمار النوعي في تكوينهم.

إن وزارة الداخلية تجني اليوم ثمار منظومة جديدة للتكوين الأولي بالمعهد الملكي للإدارة الترابية. هذه المنظومة، التي ترتكز على مناهج احترافية متطورة، تمكن الخريجين من مسايرة التطورات المتسارعة التي تشهدها البلاد، وتلبية حاجيات المواطنين المتزايدة، وترفع من أداء الإدارة بشكل عام. هذا التكوين الشامل والمستمر لرجال السلطة يضمن مواكبتهم لأحدث وسائل التدبير الإداري الحديث وتقنيات التسيير، ويمكنهم من استيعاب التحولات المجتمعية المتسارعة.

وفي سياق تعزيز هذه النجاعة، أسست الوزارة مطلع عام 2019 تجربة رائدة وفريدة من نوعها في منظومة الوظيفة العمومية. يتعلق الأمر بنظام جديد ومتكامل لتقييم نجاعة أداء رجل السلطة، يرتكز على ثلاثة مبادئ أساسية: أولًا، مبدأ المسؤولية المشتركة في تدبير المسار الوظيفي لرجل السلطة وتحفيزه على العطاء. ثانيًا، مبدأ الشفافية في تدبير شؤون هيئة رجال السلطة بما يحقق تدرجًا وظيفيًا عادلًا ومستحقًا. وأخيرًا، مبدأ الاحترافية في تقييم الأداء من خلال وضع آلية للتقييم الشامل.

إقليم اشتوكة آيت باها يقدم نموذجًا حيًا لهذه الدينامية الجديدة. ففي هذا الإقليم، يتجلى بوضوح كيف أن رجال السلطة، بفضل التكوينات المتطورة التي تلقوها، أصبحوا أكثر قدرة على مواجهة التحديات المحلية، وتقديم حلول مبتكرة للمشاكل التي تعترض الساكنة. لقد أضحوا فاعلين أساسيين في تسريع وتيرة التنمية المحلية، ليس فقط عبر مهامهم التقليدية في حفظ الأمن والنظام، بل كذلك من خلال تدخلهم المباشر في دفع عجلة المشاريع وتوجيه المبادرات المحلية، لملء الفراغ الذي يخلفه ضعف الأداء لدى بعض المنتخبين.

 يبدو أن وزارة الداخلية قد خطت خطوات عملاقة في تحديث وتطوير الإدارة الترابية، لتصبح قاطرة حقيقية في مسار التنمية المحلية. هذا التوجه، الذي يركز على الكفاءة والاحترافية، يعيد الثقة في مؤسسات الدولة، ويفتح آفاقًا واعدة لمستقبل أفضل للشأن المحلي في المغرب.

A.Bout

الأخبار ذات الصلة

1 من 1٬353

اترك تعليقا

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *